أنعشت الانتخابات التشريعية المقرّرة في العاشر من شهر ماي القادم الساحة السياسية في البلاد وصنعت حركية غير مسبوقة امتدّت إلى مختلف الأحزاب، القديمة منها والجديدة، وخلّفت مجموعة من المظاهر المألوفة التي ترافق كلّ استحقاق انتخابي في البلاد، غير أن خصوصية تشريعيات ماي القادم واعتبارها حدثا مفصليا في تاريخ البلاد جعل التسابق على الترشّح يأخذ أبعادا لم تألفها الساحة السياسية في البلاد· لا نبالغ إن قلنا إن التشريعيات القادمة أشعلت حربا حقيقية عنوانها (من يتصدّر قوائم الترشيحات؟)، حيث عرفت كثير من الأحزاب فتنا لها أوّل ولا آخر لها بسبب التنافس الشرس على الترشيحات، خصوصا وأن حظوظ الفوز بمقعد نيابي تتضاءل كلّما ابتعد المترشّح عن المركز الأوّل في ترتيب قائمة الترشّح، في ظلّ وجود عدد كبير من الأحزاب والقوائم الحرّة، وفي ظلّ ضرورة إدراج أسماء نساء في مراكز متقدّمة ضمن القوائم· وبولاية بجاية على سبيل المثال تعيش الأحزاب على غرار الأفالان والأرندي، ومنها الجديدة وغيرها·· منافسة لا مثيل لها حول ترشيح الأسماء التي يعوّل عليها في التشريعيات القادمة، منها ما يتعلّق بالأسماء المعروفة على الساحة المحلّية ومنها من الشخصيات المتميّزة بالنّاحيتين، سواء التي تتمتّع بالثراء أو بمنصب المسؤولية. فمثل الأفالان يجري الحديث حاليا حول ترشيح رئيس بلدية بجاية وهو طبيب عامّ ومحامين ونوّاب في المجلس الشعبي الولائي، وحتى صحفيين أحدهم يعمل في إذاعة الصومام· وإلى حدّ الآن لم تتمكّن محافظة بجاية من الوصول إلى التفاهم حول من يرأس قائمة الأفالان نظرا للتنافس الشديد، وربما سيحال هذا الملف على اللّجنة المركزية لذات الحزب. في حين تعرف نفس السيناريو الأحزاب الأخرى، وحدّة المشكلة ظاهرة في أحزاب التحالف الإسلامي بين الإصلاح والنّهضة وحمس لتحديد قائمة المرشّحين للاستحقاقات 2012. ولعلّ هذا التسابق نحو الترشّح يعتبر بمثابة الأهمّية التي تكتسيها الانتخابات القادمة في تاريخ الجزائر الحديث، وكأن الجميع أحسّ بأنه على كلّ واحد المساهمة في مسيرة بناء الدولة إمّا بالترشيح لعهدة برلمانية أو المشاركة بالتصويت يوم الاقتراع المحدّد ليوم العاشر من شهر ماي القادم. وحسب المتتبّعين لهذه الأحداث فإنهم يرشّحون أن تتصاعد حدّة المنافسة بين الرّاغبين في الحصول على مقعد في البرلمان القادم، وهو ما يشكّل نقلة نوعية نحو تكريس النّهج الديمقراطي في الوسط الاجتماعي· كما أن انتقاء أسماء المرشّحين سيشكّل هو أيضا محطّة أخرى للخروج بغرفة تشريعية من النّوع العالي، أي أنه من بين المعايير التي تتركّز عليها الأحزاب في هذه المرّة هو الحصول على التعليم الجامعي كأدنى مستوى نظرا لطبيعة الأهمّية التي يجب أن يتشكّل منها المجلس التشريعي القادم، والذي من المنتظر أن يكون شبيها أساسيا للجنة تأسيسية ينبثق منها الدستور الجديد للبلاد، علما أن بعض المتتبّعين يرون أن دخول الأفافاس إلى التشريعيات والمشاركة فيها غيّر قواعد اللّعبة وأثّر أيما تأثّر على الأحزاب بولاية بجاية، وهذا ربما سيدفع بهذه الأحزاب إلى إعادة النّظر في كيفية التعامل مع الحملات الانتخابية وبرنامج عملها والتفكير مليا في طريقة الوقوف أمام الأفافاس العنيد الأوّل على مستوى منطقة القبائل، والكلّ يدرك أهمّية الحزب على مستوى هذه المنطقة، وقد شكّل إعلانه المشاركة أمرين، الأوّل إندهاش الطبقة الحزبية من جهة والأمر الثاني إعطاء نفس جديد للمنافسة في هذه التشريعيات التي تعوّل عليها الدولة لآن تكون المشاركة فيها قياسية بالدرجة الأولى. ولعلّ الأيّام القادمة ستشهد المزيد من الجديد، خاصّة في الحملة الانتخابية·