تواصلت أمس الأربعاء حملة المداهمات والاعتقالات التي شنّتها الشرطة الفرنسية مؤخّرا في أوساط من أسمتهم بالإسلاميين المتطرّفين وذلك عقب حادثة تولوز التي استهدفت المدرسة اليهودية (أوزار هاتوراه) وقتل فيها ثلاثة أطفال رفقة حاخام يعمل بالمدرسة، لتنسب الجريمة إلى شابّ فرنسي من أصول جزائرية قيل إنه من المتطرّفين الإسلاميين التابعين لما يعرف بتنظيم القاعدة. وقد طالت سلسلة الاعتقالات الجديدة أمس عشرة أشخاص من الجالية المسلمة المقيمة بفرنسا دون أن تحدّد المصادر الإعلامية التي نقلت الخبر أصول هؤلاء المعتقلين· ما تزال فرنسا منذ ظهور قضية الإرهابي الجزائري المزعوم محمد مرّاح الذي تمّ اغتياله دون محاكمة، تعيش حالة استنفار أمني ترجمتها سلسلة المداهمات والاعتقالات التي شنّتها الشرطة الفرنسية بتوجيه من رئيس جمهوريتها اليهودي نيكولا ساركوزي عقب أحداث تولوز التي اتّهم بتنفيذها محمد مرّاح الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، حيث استهدف هذا الهجوم مدرسة يهودية وقتل فيها أربعة يهود من بينهم حاخام يعمل كمعلّم للتربية الدينية بالمدرسة. وقد طالت سلسلة الاعتقالات الأخيرة التي تمّت صباح أمس في عدد من المناطق الفرنسية على غرار منطقة (روبي) شمال فرنسا وبعض أحياء شمال مرسيليا، والتي تمّت بحضور عدد من الصحفيين الذين رافقوا الشرطة الفرنسية في هذه العملية عشرة أشخاص من المسلمين المقيمين بفرنسا، والذين يشتبه حسب وسائل إعلام فرنسية في زيارتهم لأفغانستان أو باكستان أم أنهم يعتزمون زيارة هذين البلدين قصد الانخراط فيما يسمّى بتنظيم القاعدة. وجرت هذه العملية في إطار تحقيق تمهيدي قادته نيابة باريس المتخصصة في محاربة ما يعرف بالإرهاب، والذي تتولّى مهمّته المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية بفرنسا· هذا، وقد جاءت سلسلة الاعتقالات الجديدة صباح أمس بعد أقلّ من أسبوع على مجموعة من الاعتقالات التي طالت حوالي 17 فردا ينتمون إلى من وصفتهم السلطات الفرنسية بالمتشدّدين الإسلاميين، وقد تمّت إحالة 13 منهم إلى القضاء بسبب اشتباههم في الانتماء إلى ما يطلق عليه بتنظيم القاعدة. حيث أفادت الشرطة الفرنسية في وقت سابق بأنها تمكّنت من إلقاء القبض على من أسمتهم بجماعة فرسان العزّة السلفية، وقد أحيلوا إلى القضاء بتهمة حيازتهم لأسلحة وتشكيل عصابة أشرار على علاقة بعملية إرهابية وتمّ إيداع تسعة منهم الحبس بتهمة انتمائهم إلى جماعة إرهابية· ويعود الرئيس اليهودي المرشّح لولاية ثانية اليوم إلى إقحام الجالية الجزائرية مجدّدا ووضعها في المقدّمة قبالة جموع المندّدين والمستنكرين للجرائم الإرهابية وذلك باستغلال هجمات تولوز التي قيل إن منفّذها شابّ من أصول جزائرية كذريعة لإطلاق حملة دنيئة على الإسلام سيكون لها الأثر الكبير في تضخيم حظوظ نزيل الإيليزي في الاحتفاظ بمنصبه لعهدة أخرى، لا سيّما وأن حملة المعتقلين طالت جاليتنا المقيمة هناك، ناهيك عن قرارات المنع والطرد من الأراضي الفرنسية التي شملت ناشطا إسلاميا جزائريا قيل إنه قد استأنف اتّصالاته بالتيّار الإسلامي المتشدّد· والمستمع إلى تصريحات ساركوزي سيلاحظ دون شكّ لعبه على الوترين الإسلامي واليهودي، حيث أطلق حملة معادية للإسلام ووجّهها بصفة خاصّة لضرب الجالية الجزائرية الموالية لخصمه الاشتراكي فرانسوا هولاند، وهي ذات الحملة التي مكّنته من كسب تعاطف بني جلدته من اليهود. ولعلّ آخر قصّة ابتكرها السيناريست الموهوب ساركوزي هي قضية محاولة متشدّدين إسلاميين خطف قاض يهودي بمدينة ليّون، لكن السلطة الفرنسية وعلى رأسها ساركو لم ترض بهذا ووفّرت حماية أمنية مشدّدة للقاضي اليهودي وعائلته· وأمام هذه الأوضاع تبقى الجالية الجزائرية رغم استقرارها بفرنسا منذ سنوات وامتلاكها للجنسية الفرنسية في غالب الأحيان معرّضة لأن تكون أداة لخطط سياسية قذرة يرسمها مرشّح اليمين الذي يعاني في هذه الأيّام من نوبة اسمها الانتخابات الرئاسية·