جاء إعلان مكتب الأرصاد البريطاني أن النصف الأول من العام الجاري يعد الأعلى درجة حرارة منذ بدأ تسجيل بيانات المناخ قبل قرن من الزمان، لتؤكد ما خلصت إليه لجنة تابعة للأمم المتحدة للتغير المناخي في عام 2007 حين قالت إنها متأكدة بنسبة 90 بالمائة من أن التغير المناخي أمر واقع. كما أكد تحليل أخير أجرته "الوكالة الدولية للطاقة" إن الثمن المتراكم لإبقاء الانبعاثات على مستوى يتلافى ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين، هو 10 تريليونات دولار لغاية العام 2030 (التريليون ألف مليار دولار) وستأتي الغالبية العظمى من هذه الأموال من مصادر تمويل خاصة وعامة. محاولة للإنقاذ وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أعلنت 136 دولة تبنيها وثيقة مختصرة تحدد معالم أساسية لحل بعيد الأجل لظاهرة التغير المناخي، وذلك خلال الشهور التي أعقبت توصل المجتمع الدولي إلى اتفاق كوبنهاغن في "مؤتمر التغير المناخي" في ديسمبر الماضي. ويتضمن الاتفاق بنوداً حول مساعدات مالية جديدة للدول النامية التي لا تقدر على تقليص ما ينبعث منها من غازات الاحتباس الحراري أو مجابهة آثار تغير المناخ، عبر خطط مالية قريبة وبعيدة الأجل، حيث وتعهّدت الدول المتطورة تأمين مبلغ 30 مليار دولار للتمويل القريب الأجل لغاية عام 2012، دعماً لجهود الدول النامية لتقليص الانبعاثات وتكيفها مع التغيرات. والتزمت هذه الدول بحلول عام 2020، بالتثبّت من أن الدول النامية ستتمكن من الوصول إلى مبلغ مئة مليار دولار سنوياً من الأموال العامة والخاصة. ونقلت "نشرة واشنطن" عن نائب المبعوث الخاص للتغير المناخي في وزارة الخارجية الأمريكية جوناثان بيرشينغ في إفادة له أمام "اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية" في مجلس النواب الأمريكي: "إننا نعلم أن عدداً هائلاً من الدول النامية في حاجة إلى معونات لتغيير أهدافها التنموية وللتكيف مع آثار التغير المناخي، التي لا مفرّ منها"، وتابع ان "المجتمع العالمي سيحتاج على وجه السرعة، وفي صورة كافية، إلى أن يرفع التمويل والمساعدات الفنّية والتكنولوجية". الدول النامية أكبر الخاسرين وطبقاً للعلماء، سيؤدي التغير المناخي إلى نزوح سكان من مناطق معرّضة إلى ارتفاع منسوب البحر وإلى تراجع كميات الغذاء المتوافر، وفي شكل خاص في منطقة أفريقيا جنوبي الصحراء وجنوب شرقي آسيا، وإلى خسارة في تنوع أصناف المخلوقات، وحالات نقص حاد في موارد المياه في العالم قاطبة، وتعكف الدول المتطورة على إعداد تفاصيل التزاماتها المالية. وأوضح بيرشينغ أن هذه الدول حققت "خطوات ملموسة" في زيادة مساهماتها المالية القريبة الأجل، وتأتي هذه الأموال من برامج ومؤسسات قائمة بالفعل، مثل صناديق الاستثمار في المناخ ومنشأة المناخ العالمي وبرامج ثنائية قائمة. التجربة الأمريكية وعن التجربة الأمريكية، لفت بيرشينغ إلى ان الكونجرس الأمريكي، وبناء على طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، رصد مبلغ 1.3 مليار دولار لتمويل مكافحة التغير المناخي العام الجاري، وطلب الرئيس رصد مبلغ 1.9 مليار دولار للسنة المالية 2011 لنشاطات التدخل السريع، ولم يوافق الكونغرس بعد على موازنة عام 2011. وتعهدت حكومة الولاياتالمتحدة بتخصيص مبلغ مليار دولار لبرنامج "خفض الانبعاثات الناتجة من تعرية الغابات وتناقصها" في موازنة السنة المالية 2012، وتعكف وزارة الخارجية الأمريكية و "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" على تسليم 30 مليون دولار ل "صندوق الدول الأقل تقدماً" و20 مليون دولار ل "الصندوق الخاص للتغير المناخي" و10 ملايين دولار ل "منشأة شراكة كربون الغابات". وستتركز نسبة الثلثين من التمويل الأمريكي المتبادل للتكيّف في السنة المالية الحالية على الدول النامية المكوّنة من جزر صغيرة والدول الأقل تقدماً في أفريقيا. دور الأممالمتحدة وأفاد بيرشينغ بأن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنشأ في فبراير الماضي مجموعة استشارية رفيعة حول تمويل مكافحة التغير المناخي، لغرض تحليل الموارد المالية التي يمكن أن تساهم في الوفاء بهدف المائة مليار دولار. واجتمعت هذه المجموعة مرتين في لندن في مارس الماضي ونيويورك في جويلية الماضي، على أن تعقد اجتماعاً ثالثاً في إثيوبيا. وسترفع المجموعة تقريرها في نهاية أكتوبر المقبل، بالتزامن مع المؤتمر ال 16 لأطراف "معاهدة الأممالمتحدة الإطارية حول التغير المناخي" في كانكون (المكسيك) في 29 نوفمبر المقبل.