برزت على السطح في الآونة الأخيرة في بعض الأحياء الجزائرية وخاصة بالمدن الكبرى ظاهرة خطيرة تتصف بحساسية كبيرة ومناقشتها بحاجة لتفهم كي لا نقع في المحظور، تفشت بين أوساط الشباب والشابات تجسدت في التقليد الأعمى لما يعرض بالقنوات التلفزيونية تمثلت في ظاهرة الفتيات المسترجلات اللواتي يطلقن على أنفسهن أسماء ذكورية، بالإضافة إلى تقليدهن للذكور في كل شيء سواء من ناحية الملبس أو أسلوب الكلام وحتى طريقة المشي، وخاصة بالجامعات التي لقيت مرتعا خصبا لبعض الظواهر وانحرافات مقززة بغض النظر إذا ما كانت نادرة واستثنائية أو شائعة· وبالرغم من أنها قليلة إلا أنه أوجب علينا دق ناقوس الخطر خوفا من معاناة أكبر باعتبار هذه الفتاة تنتمي لكافة الشرائح الاجتماعية سواء كانت تنحدر من عائلة غنية أو فقيرة لا فرق بينهما، فلجوؤهن إلى مثل هذه الأفعال قد يترجم عدة تغيرات حاصلة في نفسيتهن فمنهن من تعيش الضياع والأخرى تصدعا أسريا، وفيهن من تمردت على الأسرة ومنهن من انساقت وراء التقليد ···ولكنهن جميعا ضحايا وبحاجة إلى تفهم ومساعدة نفسية لكي يستطعن تدارك أنفسهن، وهذه الفتاة التي تحمل صفات ذكرية برغم هويتها الأنثوية والتي تظهرها من خلال تصرفاتها وتعاملها مع الغير حتى أنه تم تسجيل بعض العلاقات المشبوهة مع بنات جنسها خاصة داخل بعض الإقامات الجامعية والتي تم التدخل العاجل وتصفيتهن من الإقامة، ونظرا لدرجة التشابه الكبيرة في المشي والملابس الرجالية التي يضعن فيها أنفسهن يصعب عليك في بعض الأحيان التفرقة فيما إذا كانت فتاة أو ذكرا· ولكن هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على فئة البنات بل انتقلت العدوى إلى الذكور من خلال تخنثهم وتقليدهم هم الآخرون للنساء في أشكالهن وحركاتهن وألوانهن، أحدهم يقلدهن في تسريحة الشعر والآخر يضع قلادة في رقبته، والآخر ذهب في تقليد البنات من خلال ارتدائه للبودي والجينز وتنعيم الأظافر فضلا عن حركات غريبة مثل حب الرقص واللهو وتقليد حركات النساء المختلفة· هذه الظاهرة الدخيلة باتت محط اشمئزاز وخوف العائلات التي خرج بعض أبنائها عن عرف العائلة بتقليدهم لمثل هذه المظاهر التي يطلق عليها اجتماعيا اسم (التخنث) والتي هي في تنام مستمر بين أوساط الشباب ضاربين عرض الحائط كل القيم والتقاليد التي يحث عليها ديننا، إذ يحدث وفي الكثير من الأحيان خلط وصعوبة في التعرف عليهما، إذ تصرح إحدى الشابات التي التقيناها في الشارع تقول: (لا يوجد فرق بينهم وبيننا فقد استوقفت أحدهم ذات مرة من أجل الاستفسار على أساس أنه فتاة ولكنني استغربت من كونه شابا وليس شابة نظرا للتشابه الكبير بينهما والذي أبدى فرحته لأنني اعتبرته فتاة وليس رجلا، حيث دلني على الطريق وتبسم وقال اسمي (سوسو) وإن احتجتني إلى أي شيء فأنا هنا) تضيف: (انصرفت وفي وجهي ملامح الازدواجية بين رغبتي في الضحك والدهشة)· وفي هذا الشأن أوضح لنا أخصائي نفساني أن هذه المظاهر هي امتداد لموجة انطلقت من دول ومجتمعات بعيدة كل البعد عنا ولعل السبب الرئيسي الذي ساعد على انتشارها وسائل الإعلام وشبكات الاتصال التي أصبحت تستعمل بشكل مفرط دون انتقاء البرامج من قبل هؤلاء الشباب، إضافة إلى بعض حالات الكبت التي يشعر بها الشباب، كل هذا وما ترتب عليه من غياب الدور الرقابي الذي يكون في كثير من الحالات سببا للانفلات الأسري وهناك من أرجعها إلى الخلل الحاصل على مستوى الهرمونات· فكل هذا أدى إلى ضرورة تكتل جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية للإلمام بهذه الظواهر من خلال توفير كل أنواع المساعدة منها العلاج السيكولوجي المناسب لأن هذه المسؤولية تقع على عاتق كل الجهات وليست الأسرة وحدها المسؤولة·