أيام قليلة تفصلنا عن الموعد الكروي الأوروبي الهام في نسخته الرابعة عشر، حيث ستشد أنظار عشاق المستديرة إلى بولنيا وأكرانيا اللتان ستحتضنان هذا العرس الأوروبي، كأس أمم أوربا والذي يعد المنافسة الكروية الأقوى عالميا بعد كأس العالم، لطالما وضعنا أمام مشاهد كروية عريقة، ولحظات دراماتيكية، وجنون كروي لانجده إلا في الملاعب الأوروبية. ويبدو أن حمى التوقعات والتكهنات لهذا اليورو هذه المرة انطلقت مبكرا بكثير قبل صافرة البداية، وإن كان الكثير من المحللين والمختصين بالشأن يجمعون على أن المنتخب الإسباني حامل اللقب أبرز المرشحين، فإن البعض يضع كل من المنتخب الهولندي والألماني في خانة المرشح فوق العادة لنيل اللقب الأوروبي، بين هذا وذاك فإن المنتخبين المستضيفين للبطولة قد لايذهبا بعيدا حسب الكثير من الاستطلاعات. المنتخب البولوني الذي وضعته القرعة على رأس المجموعة الأولى رفقة كل من منتخبات اليونان، روسيا، والتشيك، نظريا يبدو أنه أكثر حظا من المنتخب الأوكراني الذي وجد نفسه في مجموعة تضم أسماء كبيرة على غرار كل من إنجلترا، وفرنسا والسويد، الرهانات تبدو جد صعبة على منتخبي الدولتين المستضيفتين ،إلا أن عامل المفاجأة يبقى دائما حاضرا وبقوة في مثل هذه المنافسات. نأتي إلى الحديث عن حامل اللقب والمرشح الأبرز في البطولة، المنتخب الإسباني الذي سيكون على رأس المجموعة الثالثة والتي وصفها البعض بمجموعة الموت نظرا لقوة الأسماء التي تحملها كإطاليا وكرواتيا وإيرلندا، مجموعة سيعاني فيها كثيرا حامل اللقب، خاصة عندما يفتتح مبارايات المجموعة في مباراة وُصفت بالنهائي قبل الأوان، حيث يواجه نظيره الإيطالي ، هذا الأخير الذي يبقى في سجله لقب يتيم في البطولة منذ عام 1968، يراهن هذه المرة على التتويج بقيادة المدرب تشيزاري برانديلي، إذن على الورق يبدو أن مقعدي الدور الثاني في هذه المجموعة لصالح كل من إسبانيا وإيطاليا ، إلا أن المفاجأة التي لايتوقعها أحد قد تأتي من كرواتيا وإيرلندا. الحديث عن الكبار يقودنا إلى الحديث عن فريق عريق أوروبيا وصاحب أكبر التتويجات في البطولة، المنتخب الألماني التي وضعته القرعة في مجموعة أقل مايمكن وصفها بمجموعة النار، مجموعة ستنال بدون شك حصة الأسد من المتابعة والاهتمام نظرا لقوتها وعنصر التوقعات فيها غير مسموح تماما، كيف لا وهي تضم إلى جانب المنتخب الألماني كل من منتخبات هولندا، الدنمارك، البرتغال، المتأهل من هذه المجموعة سيكون مرشحا وبقوة للذهاب بعيدا في البطولة لأنه يكون قد خضع إلى اختبارات حقيقية في هذه المجموعة، المنتخب الألماني الذي لايبدو بحال جيدة مؤخرا سيكون أمام اختبار صعب في أولى مباريته عندما يواجه نظيره الهولندي في واحدة من المباريات التي ستضمن لنا إثارة وقوة وجنون كروي على الطريقة الأوروبية عندما تلتقي الماكنة مع الطاحونة، هذه الأخيرة التي ستدخل البطولة تحت شعار التتويج باللقب الأوروبي ولاسواه. أما عن بعض المنتخبات والتي كانت دائما تضفي نكهة خاصة لليورو كفرنسا وانجلترا والبرتغال، فهي في أعين المحللين والمختصين خارج حسابات الترشيحات لعدة أسباب لعل أبرزها المستوى المتواضع التي ظهرت به هذه المنتخبات خلال خرجاتها الودية مؤخرا، وعدم الاستقرار على تشكيلة واحدة، ومع ذلك فإن المنتخب الفرنسي يبقى في رواق جيد لصنع الفارق في هذه البطولة. إذن هي قراءة لمنافسة لاتقبل القراءات المسبقة إلا أن المعطيات تجعلنا نرشح هذا عن ذاك والميدان هو من يؤهل في الأخير، إلا أن الاكيد والمضمون أن طبعة أوكرانيا وبولندا ستكون حلقة جديدة من الإبداع والإثارة الكروية، وموعد آخر من المفاجآت التي تخبئها المستديرة الأوروبية.