** لدي حرب نفسية داخلية مع نفسي، فأنا لم أهتم بعبادتي، وكنت مهملاً لصلواتي، والآن هداني ربي والحمد لله كل صلواتي أصليها في المسجد، لكن أحياناً أجد وسواسًا في نفسي بأن إيماني ضعيف، وأحس بثقل في نفسي، فهل أنا كفرت؛ لأني من داخلي أحس بضيق، وكلما قرأت القرآن وتمعنت في الآيات أخاف أن أكون من المنافقين، فهل هذه حرب مع الشيطان أم ماذا؟ والله إني خائف من ربي، فأحياناً أتمعن في مخلوقات الله وأتعجب من عظمتها.. ولكن أحس بأني منافق.. أرشدوني. * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الكريم.. يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69]. أحسبُ أن ما تمر به أمر طبيعي، فالوساوس لا تأتيك في المعصية.. بل تأتيك في الصلاة؛ وهذا يحدث. فلقد أخذ الشيطانُ العهد على نفسه أن يسعى لإضلال المؤمنين، وقال: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 17]. يُحاربهم بكل شيء؛ لاسيما الوسواس القهري، وبث الخوف والرعب والتشكيك والإحباط في قلوب المؤمنين: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 268]. (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً) [الإسراء: 64]. أما العصاة في لهوهم، والفجار في فجرهم، والفساق في فسقهم، والماجنون في مجونهم؛ فهذه ميادين لا يهتم بها الشيطان كثيرًا. فهو يعطي الأولوية دائمًا لعباد الله المؤمنين؛ بيد أن ثمة فئة تستعصي عليه دومًا؛ وهي فئة العباد المخلصين، فقال: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: 40]. فيا أخُ لا تبْتئِسْ؛ والأمر كما أشرتَ أنت؛ (حرب مع الشيطان)؛ فسيغلبك مرة، وستغلبه مرة، ومرات ومرات إن شاء الله، أما إذا ظننت أن الشيطان سيأخذ هدنة في حربك؛ أو يدعك وعبادتك؛ فأنت واهم حالم. أما كونك تتهم نفسك بالنفاق؛ فهذا من علائم الإيمان؛ وقد كان الصحابي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخشى على نفسه من النفاق، بل يتهم نفسه بالنفاق، واقرأ إن شئت قصة نزول قول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الحجرات 2]. لن أذكرها.. بل أريدك أن تقرأها بنفسك. أسألُ الله تعالى أن يهذب لبَّك من جوامح الوساوس، وأن يُطهر لبك من مطامح الهواجس. آمين.