تأهّل المنتخب الإسباني، حامل اللّقب، إلى نصف نهائي كأس أمم أوروبا 2012 عقب إطاحته بالمنتخب الفرنسي بنتيجة (2-0) في ربع النّهائي ليضرب موعدا مع البرتغال في (داربي شبه الجزيرة الإيبيرية)، وسجّل هدفي إسبانيا تشابي ألونسو في الدقيقة ال 19 وال 91 من ركلة جزاء. استهلّ المنتخبان الإسباني والفرنسي مباراتهما بتباين في الرّسم التكتيكي لكلّ من مدرّب (الماتادور الإسباني) فيسنتي ديل بوسكي الذي حافظ على فكره الثوري التكتيكي من خلال اللّعب دون مهاجم صريح واللّعب بطريقة (4-6-صفر) واتّباع منهج أن يشارك الجميع في بناء الهجمة وإنهائها. أمّا (الرئيس) لوران بلان فحاول تحصين دفاعه أمام المدّ الهجومي لزملاء أندريس إنييستا وكان رسمه التكتيكي (5-4-1)، كما حاول اتّباع نهج الكرات العكسية لهزّ سيمفونية الإسبان. مقطوعة موسيقية يأمنها الإسبان أمّن الإسبان مقطوعة موسيقية من الزمن الجميل لكرة القدم، وكعادتهم بسطوا سيطرتهم المطلقة على أقصوصة الشوط الأوّل من خلال النقلات القصيرة التي اتّبعها لاعبو (الماتادور) الإسباني وحاولوا أن يشيدوا هجماتهم على الرّواق الأيسر مكان وجود الظهير النفاثة خوردي ألبا والفنّان إنييستا، ثمّ بسرعة كبيرة يتمّ نقل الهجمة إلى اليمين للاّعب ألفارو أربيلوا أو دافيد سيلفا. ومنذ الدقيقة السادسة طالب سيسك فابريغاس بركلة جزاء بعد أن عرقله المدافع الفرنسي غاري كليتشي، لكن نيكولا ريتزولي أمر بمواصلة اللّعب. وفي الدقيقة الثامنة فكّ تشابي ألونسو الكرة في منتصف الملعب وحاول التسديد من هذا المكان ومخادعة الحارس هوغو لوريس، لكن فطنة الأخير أنقذت عرينه من قبول هدف. واصل رفاق فابريغاس عزفهم المنفرد وأمسكوا بزمام هذه الفترة، حيث أنهم حرموا منافسهم من الكرة. وفي الدقيقة التاسعة عشر أحدث الإسبان رجّة كروية بقوّة الماتادور، إذ راوغ إنييستا لاعبين ومرّر لألبا الذي تخلّص بدوره من كوسيلني وبعرضية نموذجية وصلت الكرة إلى رأس ألونسو الذي كان في حلّ من أيّ مراقبة فدوّن أوّل أهداف المواجهة. منظومة لا تعمل لم يتمكّن الفرنسيون من تفعيل المنظومة الدفاعية التي وضعها مدرّبهم بلان وكان تكتّلهم الدفاعي سلبيا، إذ إن خصمهم تمكّن من فكّ شفرة الحصن المشيّد في العديد من المرّات. وفي النّاحية الهجومية تثاقل مهاجمو منتخب فرنسا كثيرا بحكم الوقوف الجيّد للمنتخب الإسباني في الدفاع ووجدوا صعوبات كبيرة في التنقّل من الحالة الدفاعية إلى النّواحي الهجومية، وعندما فكّر (الديوك) في بناء هجمة مرتدّة أعاقها تارة فلوران مالودا الذي كان ثقيلاً في بناء الهجمة أو أنهاها فرانك ريبيري الذي أمسك الكرة زيادة عن اللزوم. وفي ظلّ هذا التباين في النّواحي التكتيكية انتهت قصّة الشوط الأوّل بتفوق إسباني بهدف دون ردّ. مواصلة العزف المنفرد في الشوط الثاني واصلت كتيبة (الماتادور) الإسباني إحكام السيطرة على مجريات وحيثيات المواجهة، وكالعادة اتّبع أبناء دل بوسكي طريقة النقلات القصيرة والاحتفاظ بالكرة لأكثر وقت ممكن لإدخال الارتباك على لاعبي كتيبة (الرئيس) بلان. واتّسم أداء المنتخب الإسباني بقطع الكرات واسترجاعها بسرعة كبيرة وشلّ حركة مهاجمي ولاعبي وسط ميدان المنتخب الفرنسي. صحوة فرنسية عابرة ومع الدقيقة الستّين شهدنا صحوة فرنسية عابرة استمرّت دقيقتين، حيث بادر الفرنسيون بالهجوم وحاولوا هزّ شباك كاسياس من خلال رأسية كاباي ومرّة أخرى من خلال مالودا، لكن هذه المحاولات كانت عابرة سبيل. وقد حاول المدرّب بلان أن يتخلّى عن فكره الدفاعي بإقحام سمير نصري وجيريمي مينيز مكان كلّ من المدافع ماتيو ديبوشي ومالودا، إذ حاول المدرّب الفرنسي ضخّ دماء جديدة في كتيبته وفي الدقيقة ال 71 اخترق ريبيري دفاع الإسبان ومرّر كرة عرضية لبن زيمة تصدّى لها جيرار بيكي. العودة إلى السيطرة بعد الاستفاقة العابرة للمنتخب الفرنسي عاد الإسبان إلى سيمفونيتهم المعهودة وفي الدقيقة الثالثة والستّين مرّر إنييستا كرة سحرية لفابريغاس الذي كان في حالة انفراد، لكن وصوله المتأخّر فوّت على فريقه فرصة إضافة ثاني الأهداف. وبعد وقت قصير من هذه المحاولة حاول دل بوسكي أن يعيد ترتيب البيت بإدخال كلّ من بيدرو رودريغاز وفرناندو توريس مكان فابريغاس وسيلفا. مهاجم برشلونة الإسباني بيدرو لم ينتظر كثيرا لشنّ هجمة على حصن فرنسا، وفي الدقيقة التاسعة والستّين اخترق الدفاع الفرنسي ومرّر لتوريس لكن الفرنسي عادل رامي شتّت الكرة نحو الركنية. هبوط في مستوى المواجهة في آخر عشر دقائق نزل مستوى المواجهة حتى بدت المباراة بأداء متوسط ومملّ في بعض الفترات، وحاول بلان أن يفعل شيئا لمنتخب بلاده بإقحام مهاجم آخر أوليفيه جيرو، لكن لاعبيه ظهر عليهم الإرهاق وعدم التركيز على بقّية المباراة، وفي المقابل دخل سانتي كازورلا ليعزّز صفوف منتخب بلاده الذي حسّن من أدائه في آخر دقائق المواجهة. دل بوسكي يمنح لاعبيه راحة قبل مواجهة البرتغال قرّر فيسنتي دل بوسكي المدير الفنّي للمنتخب الإسباني حصول اللاّعبين على راحة سلبية أمس الأحد بعد الفوز على فرنسا بهدفين نظيفين أوّل أمس السبت في ملعب (دونباس أرينا) في دونتسك ليصعد ب (الماتادور) إلى المربّع الذهبي ليورو 2012. وقال دل بوسكي: (لقد وصلنا دونتسك في حالة من الإرهاق، لكن هذا أمر طبيعي، الحرارة أصبحت أكثر شدّة، نتمنّى أن نصل إلى أفضل حالة ممكنة خلال المباراة أمام البرتغال). مدرّب فرنسا حزين أبدى لوران بلان المدير الفنّي للمنتخب الفرنسي لكرة القدم خيبة أمله لهزيمة الفريق أمام نظيره الإسباني (صفر-2). وقال بلان عقب المباراة التي أقيمت بمدينة دونيتسك الأوكرانية: (المنتخب الإسباني كان قابلاً للهزيمة، تحرّكنا كثيرا على الملعب ولم تسنح أمامنا سوى فرص قليلة، ولسوء الحظّ استغلّوا أوّل فرصة لديهم)، وذلك في إشارة إلى هدف التقدّم الذي سجِّله تشابي ألونسو في الدقيقة ال 19. اللّقاء في عيون صحافة الإسبان والفرنسيين الصحافة الفرنسية: "خسارة الديوك متوقّعة ومنطقية" اعتبرت الصحف الفرنسية الصادرة أمس الأحد خروج منتخب بلادها من الدور رُبع النّهائي لكأس أوروبا لكرة القدم 2012 على يد إسبانيا حاملة اللّقب وبطلة العالم (صفر-2 منطقيا) و(دون مجد). وعنونت صحيفة (ليكيب) مقالها ب (نهاية منطقية للزرق) معتبرة أن المنتخب الفرنسي سقط (صفر-2) أمام منتخب إسباني قوي جدّا سيطر على المباراة. من جهتها، كتبت مجلّة (فرانس فوتبول) (كان ذلك متوقّعا)، مشيرة إلى أن (الخسارة كانت منطقية أمام إسبانيا طالما أن التشكيلة التي بدأت بها فرنسا اللّقاء كانت دفاعية). واعتبرت الصحيفة مشوار الفرنسيين في كأس أوروبا كان (مريرا ومخيّبا للآمال ومحبطا للغاية، كان هدف منتخب فرنسا بلوغ الدور رُبع النّهائي واكتفى في الأخير بذلك). وبالنّسبة لصحيفة (لوموند) فكتبت (الزرق يغادرون كأس أوروبا برأس مطأطأة)، مضيفة: (لو فزنا لصفّقنا للعباقرة، لكننا خسرنا ولا يسعنا إلاّ النّدم على التشكيلة الدفاعية التي خاض بها لوران بلان المباراة). وأعربت صحيفة (لوباريزيان) عن استيائها من آداء (منتخب فرنسي بلا روح وبسلبية كبيرة جدّا)، وكتبت في صدر صفحتها الأولى (وداعا وداعا البلوز)، مشيرة إلى (هزيمة من دون قناعة). أمّا صحيفة (الألزاس) فكتبت: (الزرق خرجوا من دون مجد) في حين تحدّثت (لاديبيش دو ميدي) عن (خسارة حزينة). وأشارت صحيفة (ليست ريبوبليكان) إلى أن لاعبي المنتخب الفرنسي (خرجوا مطأطئي الرّأس)، وكتبت صحيفة (ليست أيكلير) أن المنتخب (أُقصي من دون مقاومة)، فيما أوضحت (سود أويست): (لم يقدروا ببساطة على القيام بأيّ شيء)، ثمّ كتبت (تيليغرام): (لا معجزة للبلوز). الصحافة الإسبانية: (لاعبو فرنسا لهثوا وراء الكرة مثل ديوك بلا رؤوس" (تغنّت الصحافة الرياضية الإسبانية اليوم بالفوز الذي حقّقه فريقها على فرنسا بهدفين نظيفين ليتأهّل إلى قبل نهائي كأس الأمم الأوروبية (يورو 2012). عنونت جريدة (سبورت) الكتالونية صفحتها الرئيسية بعبارة (رجال لا يمكن إيقافهم)، وقالت إن المنتخب الإسباني (تألّق وصعد لقبل النّهائي). وقالت الصحيفة إن الانتصار جاء بمشاركة (مدريدية-كتالونية) بسبب تمريرات لاعبي البارصا التي كانت حاسمة وسمحت للاعب وسط ريال مدريد تشابي ألونسو بتسجيل هدفي المباراة، الأوّل بضربة رأس رائعة والثاني من ركلة جزاء. ومن ناحيتها، وضعت جريدة (ماركا) الإسبانية عبارة (لم يشتمّوا رائحة المرمى) عنوانا لصفحتها الرئيسية، في إشارة إلى سيطرة (لاروخا) على المباراة وعدم قدرة فرنسا على مجاراة الإسبان. وقالت الصحيفة: (في عرض رائع لأسلوب التيكي تاكا الإسبان أجبروا الفرنسيين على اللّهث وراء الكرة كما لو كانوا ديوكا دون رؤوس). وأشادت جريدة (أس) من ناحيتها بالمستوى الذي قدّمته إسبانيا وألونسو في مباراته ال 100 الرّسمية مع المنتخب. مواجهة للنّسيان في "قمّة الإحباط" أحبط المنتخبان الإسباني والفرنسي السبت جمهور كرة القدم في العالم بقمّة (على الورق) فقط، إذ امتلك كلاهما الأسماء الرنّانة والأسلحة الفتّاكة لكنهما ظهرا دون المستوى المتوقّع حتى ظنّ المراقبون أن الملعب لا يحتوي على مرميين والمباراة مسجّلة من عصر سبعينيات القرن الماضي بصورة (أبيض وأسود). الديك الفرنسي لم يصح و(الماتادور) بالغ في الاستحواذ غير الفعّال ومدرّبا المنتخبين ديل بوسكي ولوران بلان جعلا من نفسيهما أضحوكة وموضع انتقاد بين مخالب الإعلاميين بسبب التشكيل الأساسي المخيّب للآمال، لكن الأوّل فاز بهدفين نظيفين أحرزهما لاعب الارتكاز الإسباني تشابي ألونسو. (القمّة المفترضة) كانت تنبئ بمعركة حامية الوطيس وتوقّعها البعض بأنها (نهائي مبكّر) شاء القدر أن تقام في دور الثمانية، لكنها لم تكن كذلك ويمكن تشبيهها بحصّة تدريبية للرّكض المرهق والكرات المقطوعة لم يبرز فيها ولو نجم واحد حتى نستطيع وصفه بأنه نجم المباراة. ولعلّ اللّوم الأكبر يقع على عاتق الفرنسيين الذين افتقدوا إلى القائد الميداني وإلى اللاّعبين المخلصين لوطنهم، وخير دليل على ذلك خروج أغلبهم من الميدان بعد انتهاء المباراة بثغر باسم وضحكة على الملأ كما هو حال كريم بن زيمة لدى مصافحة أصدقائه الإسبان لاعبي ريال مدريد.