ذكر أحد المجاهدين ممن كانوا خلال ثورة التحرير ينشّطون إذاعة (صوت الجزائر الحرّة) أن ميلاد هذه الإذاعة جاء تتويجا لمغامرة طويلة وشاقّة قادها منشّطون شباب وعيا منهم بدور (حرب الأثير) في مواجهة (آلة الإشاعات) التي كان يستعملها الاستعمار الفرنسي ضد الثورة. وذكر أحد منشّطي هذه الإذاعة المجاهد عبد العزيز شكيري في مداخلته بمناسبة تنشيط محاضرة حول (وسائل الإشارة والاتّصال إبّان ثورة التحرير) نظّمت بدارالثقافة (حسن الحسني) بمدينة البروافية (المدية) أن الثورة الجزائرية تمكّنت من ربح المعركة الأخيرة في (حرب الأمواج) التي قادتها إدارة الاستعمار بمجرّد اندلاع الثورة بغرض (إحباط) معنويات الجزائريين، وأضاف أن رواد الإذاعة الجزائرية الشباب تمكّنوا بفضل إخلاصهم وتفانيهم في تبليغ (صوت الثورة) إلى بيوت الجزائريين. وأوضح المتحدّث خلال هذا اللّقاء الذي جاء بمبادرة من قدامى وزارة التسليح والاتّصالات العامّة أن الاستعمار كان يعوّل كثيرا على هذه الوسيلة الإعلامية لنشر الإشاعات بهدف (زرع الشكّ) في نفوس السكان و(زعزعة) ثقتهم في جيش التحرير الوطني، وأضاف أن الثورة قرّرت اقتحام حرب الأثير من خلال التزوّد ابتداء من شهر ديسمبر 1956 بمحطّة إذاعة متنقّلة شرعت تجوب الشريط الحدودي الغربي للبلاد وتبثّ حصصا بانتظام ابتداء من الثامنة مساء، ممّا مكّن العائلات التي تتوفّر على أجهزة راديو من متابعة مختلف قضايا الساعة آنذاك وتطوّرات الثورة على الصعيدين العسكري والسياسي.