أزاح رمضان المبارك النقاب عن الكثير من عيوب وغياب الجهات الوصية ونقص التكافل الاجتماعي بين المواطنين جراء استمرار تدني منحى تدهور القدرة الشرائية للعديد من العائلات وإحكام البطالة طوق حصارها على غالبية سكان المنطقة، الأمر الذي دفع ببعض أفراد العائلات المعوزة والعاجزين عن العمل والأرامل لتأمين مصاريف مائدة رمضان وسد رمقهم بالاقتتات من مزابل أسواق الخضر والفواكه خاصة سوق الجملة بالمدخل الشرقي لعاصمة الولاية· فيما يلجأ آخرون لابتكار وسائل وطرق بديلة لتكسير حاجز البطالة، وذلك بخلق فرص عمل مؤقت ولجوئهم في أغلب الأحياء للتجارة الفوضوية في الأشياء التقليدية الاستهلاكية بشكل واسع كحل لأزمتهم منها بيع الخبز التقليدي ''المطلوع'' و''المعدنوس'' و''القصبر'' و''الديول'' تنفق مداخلها في تزيين مائدتهم الرمضانية. هذه الظواهر التي أصبحت تتكرر سنويا خلال شهر رمضان، تترجمها تحول أرصفة شوارع المدن الكبيرة وحواف الطرق إلى شبه أسواق شعبية تنمو وتزول كالفطريات بالأماكن العمومية، ويفضّل ممارسوها حط رحالهم لعرض سلعهم بالنقاط الآهلة بحركة المرور وملاحقتهم لترويج مبيعاتهم· وحسب استطلاع ''الجزائر نيوز'' لبعض باعة الخبز التقليدي، فإن أغلب البائعين لهذه المادة ممولهم عدد محدود من ممتهني بيع ''المطلوع''·· وفي معرض ردهم يقولون ''ماهيش تاعنا ندو الفائدة العشية فقط، في حين يشير إلى وجود على بعد أمتار سيارة نفعية مغطاة معبأة بالخبز التقليدي يراقب صاحبها من الفينة والأخرى الأشخاص الذين تمكنوا من بيع خبزهم لتزودهم بكميات إضافية، وهم لا يبذلون أدنى جهد للبحث عنها واقتنائها بحيث كل شيء يصله بعين المكان مقابل جنيه أرباحها فقط· في المقابل، فقد لمسنا عبر ربوع تراب البلديات المجاورة لعاصمة الولاية تعب بعض العائلات من خلال أبنائهم في تحضير مادتها الأولية على حساب احتياطهم السنوي قبل عرضها للبيع لسد رمقهم بسبب التدهور المعيشي وانعدام المداخيل بقدرتها كبح جماح ما تعانيه شريحة عريضة من المواطنين بالمناطق الريفية بينهم ناصر إطار متقاعد، فضّل بيع الأعشاب وإلى جانبه خالد 45 سنة مطرود من إحدى الشركات المنحلة يبيع خبز ''المطلوع '' قال ل ''الجزائر نيوز'' انعدام فرص العمل دفعني إلى بيع الخبز الذي اقتطعته من احتياطي السنوي بعدما جمعته من صدقة وتبرعات المحسنين بأماكن الحصد والدرس بالأرياف، فتقوم زوجتي بتحضيره في البيت لأقوم ببيعه وإنفاق عائداته لاقتناء مستهلكاته الرمضانية· ولم تقتصر ظاهرة بيع الأعشاب والديول والخبز بأنواعه الحديث والتقليدي على مختلف الفئات العمرية وعديمي الدخل، بل تعدتها لتطال أشخاص يشتغلون ومتقاعدين نظرا لضعف مداخليهم الشهرية، بحيث وجدنا في العديد من البلديات المجاورة لعاصمة الولاية أساتذة يخضون مضمار التجارة الفوضوية لتحسين مستواهم المعيشي ومواجهة ضعف قدرتهم المعيشية، بينهم أستاذ في مادة اللغة العربية بالمتوسط على أبواب التقاعد يبيع البطيخ وببضعة أمتار عنه أستاذ في المادة نفسه يبيع الدجاج الأبيض وبعضهم يدفع بأبنائهم خشية الخجل إلى بيع الديول على مرأى عينيه، حيث تقوم الأم بتحضيره في البيت لإعادة بيعه ثم يستعملون أطفالهم كمعيل لهم لتأمين احتياجات أسرهم، دون مبالاة بعضهم خاصة للذين يعرضون سلعهم على جانب الطرق لبيع بعض الخضر أو الفواكه كالتين والهندي، فكثيرا ما يفطر بعضهم بأسِرة المستشفيات .