تحوّلت اللّحوم المجمّدة (الكونجلي) إلى منقذ حقيقي لملايين الجزائريين الذين وجدوا فيها خير تعويض للّحوم الطازجة التي فاقت أسعارها كلّ التصوّرات، حيث ارتفعت معدلات استهلاك اللّحوم المجمّدة خلال رمضان الجاري بعد أن تسبّب ارتفاع أسعار اللّحوم والأسماك الطازجة خلال شهر رمضان في فرار أصحاب الدّخل المتوسط نحو سوق المنتجات المجمّدة باعتباره فرعا مربحا يلجأ إليه الكثير من الجزائريين. لحسن حظّ ملايين (الزواولة) تباع اللّحوم المجمّدة التي يتمّ استيرادها من البرازيل ونيوزلندا والهند وبعض الدول الأوروبية الأخرى بأسعار تصل إلى نصف أسعار اللّحوم الطازجة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام من لحوم الأغنام المجمّدة والمستوردة ما بين 550 و750 دينار ولحوم الأبقار بين 450 و600 دينار. وفي هذا الصدد، أكّد أحد الجزّارين بسوق محمد قصّاب (كلوزال سابقا) أن (الطلب على هذه المنتجات في ارتفاع مستمرّ، لا سيّما خلال شهر رمضان، حيث أن توافد الزبائن لم يتغيّر بالرغم من ارتفاع أسعار بعض منتجات اللّحوم على غرار لحوم الأغنام المجمّدة). وأكّد السيّد إسماعيل وهو متقاعد من قطاع التربية، أن (دخلي المتواضع لا يسمح لي باقتناء اللّحم الطازج خلال شهر رمضان، لذا أنا ألجأ إلى اللّحم المجمّد الذي يعتبر سعره معقولا). ويحظى الدجاج المجمّد بنفس الإقبال، حيث يقدّر سعره ب 260 دينار للكيلوغرام مقابل 400 دينار للدجاج الطازج، حيث تشهد هذه المنتجات إقبالا واسعا حسب الباعة الذين اعتبروا أن (توزيع الدجاج يشهد اضطرابا هذه الأيّام بسبب قلّة العرض). وأوضح أحد الباعة بباش جرّاح أن (مخزوننا من الدجاج لليوم قد نفّذ في وقت قياسي، وهو ما يتطلّب تعزيز شبكة التوزيع كي تتمّ الاستجابة للطلب المتزايد). أما السمك المجمّد القادم أساسا من موريتانيا، والذي يتمّ التفاوض بخصوصه في أوروبا، فإن سعره يشهد (استقرارا) منذ أكثر من سنة حسب المختصّين، حيث يتراوح سعر الجمبري التي يقبل عليه (الصائمون) بين 550 و850 دينار. وبالنّسبة للأسماك البيضاء فيتراوح سعرها بين 450 و480 دينار حسب نوعيتها، حيث يسجّل كلب البحر إقبالا كبيرا. ويعتبر الطلب على السمك المجمّد مرتفعا في هذه الفترة بسبب منع الصيّادين من الصيد في المنطقة التي تفوق 3.000 ميل إلى غاية 31 أوت. وحسب الإحصائيات التي قدّمتها وزارة الصيد البحري والموارد المائية فإن الجزائر تستورد 180.000 طنّ في السنة من الأسماك بالرغم من أنها تتوفّر على مخزون بحري يقدّر ب 220.000 طنّ يمكن اصطياده. وقد بلغ الإنتاج الوطني للأسماك 104000 طنّ في سنة 2011، أي بتسجيل ارتفاع بنسبة 10 بالمائة مقارنة بسنة 2010 . من جهة أخرى، ولتلبية الطلب المتزايد والحدّ من الارتفاع المذهل لأسعار اللّحوم الطازجة، لا سيّما خلال شهر رمضان استورد المتعاملون العموميون والخواص أكثر من 35000 طنّ من اللّحوم الحمراء المجمّدة منذ جانفي 2012 حسب شركة تسيير المساهمات للمنتجات الحيوانية (برودا). وتشكّل كمّيات اللّحوم المستوردة دعما للسوق الوطنية التي تعرف حاليا ارتفاعا في الأسعار بسبب الطلب التقليدي المتزايد، خاصّة خلال شهر رمضان. وتسوّق شركة (برودا) منتوجاتها على مستوى 600 نقطة بيع عبر كامل التراب الوطني، كما ينشط المتعامل العمومي أيضا على مستوى سوق اللّحوم البيضاء من خلال المخزون الخاص بالدجاج المجمّد في إطار شراكة مع الديوان الوطني لتغذية الأغنام. وبهدف الاستجابة للطلب الكبير للأسر خلال الشهر العظيم تمّ أيضا تشكيل مخزون من اللّحوم البيضاء المجمّدة بنسبة 10000 طنّ في إطار نظام ضبط المنتوجات الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع. ويسوّق الدجاج المجمّد لأوّل مرّة هذه السنة في جنوب الوطن مثل تمنراست، تندوف، بشار وإيليزي. وعكس اللّحوم الحمراء فإن الجزائر لا تستورد اللّحوم البيضاء التي من المفترض أن يقدّر إنتاجها ب 600.000 طنّ في سنة 2012 مقابل 500.000 طنّ في سنة 2011 و450.000 طنّ في سنة 2010. وتبقى مادة اللّحوم بيضاء كانت أو حمراء وطازجة أو مجمّدة ضرورية في الأطباق الجزائرية والمغاربية وحتى العربية، خاصّة في طبق (الشوربة). ويحقّق هذا الفرع رقم أعمال بعشرات الملايير من الدينارات وبمعدل سنوي في فاتورة واردات اللّحوم يفوق 400 مليون دولار.