ما تزال معاناة 35 عائلة مستمرّة في حي (شوفالي) ببلدية وادي قريش وذلك بعد أن مضت أكثر من ثلاث سنوات على واقعة انهيار شقق في البناية رقم 8 بسبب الانفجار الذي وقع جرّاء تسرّب الغاز، والذي أدّى في ذلك الوقت إلى وقوع الكثير من الضحايا منهم من هلك ومنهم من ينتظر تحت بقايا هذه العمارة، بعد أن تجاهلتهم السلطات المحلّية وغابت عنهم الوعود التي أطلقتها هذه الأخيرة على مرّ الفترة الماضية. دموع امرأة تبكي أهلها وجيرانها الذين هلكوا تحت هذه العمرة بحي (شوفالي) بمناخ فرنسا في وسط العاصمة، حيث لم تتمالك نفسها حين تذكّرت واقعة الانفجار الذي وقع خلال سنة 2010، والذي مازالت أثاره راسخة إلى غاية اليوم في نفوس أفراد 35 عائلة، خاصّة وأنهم ما يزالون يعيشون مع شبح الموت تحت أسقف منهارة وجدران لا يفصلها شيء عن الشارع. فمن يدخل عتبة المرأة لا يستطيع أن يكمل إلى الداخل، فالخوف حتما سيتملّكه خشية الموت تحت أنقاض هذه العمارة. وحسب إحدى السيّدات فإن حتى أعوان الحماية المعروفين بمهنهم الخطيرة يخافون من هذه العمارة التي يأتون إليها كلّ فترة بسبب نداءات العائلات، خاصّة خلال فصل الشتاء الماضي الذي كان شديدا وقعه على السكان ومريرا أكثر من الظلم المفروض عليهم على مدار الثلاث السنوات الماضية. والمشكل أن العائلات المنكوبة بعد هذه الواقعة التي هزّت العاصمة في ذلك الوقت وظنّ الجميع أن العائلات تمّ التكفّل بنقلها إلى سكنات لائقة أو حتى شاليهات ريثما يتمّ توفير سكنات لها من طرف السلطات المحلّية، فالعائلات فقدت بيوتها وأثاثها ومن قبل فقدت 4 أشخاص لقوا حتفهم خلال هذا الانفجار. شهر في العراء ثمّ شاليهات عامرة بالجرذان حسب ذات المتحدّثة فإنهم مكثوا لأكثر من شهر في العراء، وبعد عملية كرّ وفرّ مع السلطات المحلّية تمّ إرسالهم إلى شاليهات بمنطقة درفانة، وحين وصولهم إلى الشاليهات صدموا لما وجدوه. فحالة الشاليهات كانت لا توصف من ناحية تدهورها والنّفايات المنتشرة فيها ممّا سمح لتوالد الجرذان بداخلها، لهذا فإن العائلات لم تتقّبل فكرة السكن في هذه الشاليهات التي حسبها لا تصلح للبشر وإنما اصطبلا للحيوانات وفضّلت العودة إلى بقايا بيوتها حتى تعيد السلطات المحلّية النّظر في طلباتها القاضية بترحيلهم إلى سكنات لائقة كما وعدوا من قبل أو حتى الشاليهات لكن تكون لائقة للبشر أو حتى إجراء عملية ترميم لهذه البناية التي صنّفت في الخانة الحمراء من طرف المختصّين، سواء من البلدية أو من مركز الشلف. إلاّ أن هذا الأمر الذي بدا في البداية سيتمّ حلّه في أقرب الآجال امتدّ لأكثر من ثلاث سنوات، وكلّ من يدخل العمارة يقول للعائلات إن العيش فيها بمثابة الانتحار لا محالة، فهي منهارة بشكل كامل وسيتمرّ انهيار أجزائها وبالتالي احتمال موت العائلات تحت الأنقاض قريب جدّا وواضح لكلّ من يدخل حي (شوفالي) أو حتى من أعالي منطقة وادي قريش أن يظهر له الحالة الكارثية التي تعرفها هذه العمارة، وهذه الصورة يبدو أنها غائبة عن السلطات المحلّية التي تغظ طرفها عن استغاثة العائلات التي تفوق الثلاثين تاركة إيّاها تواجه هذا المصير، مطلقة لها وعودا بالانتظار تتكرّر في كلّ مرّة على أسماع أفراد العائلات الذين أصبح مرورهم على البلدية أو الدائرة عاديا رغم حالتهم الطارئة. فكان توجّههم إلى جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان ومصالح ولاية الجزائر وحتى وزارة الداخلية، من خلال إرسال شكاويهم وتفاصيل معاناتهم المتواصلة على مدار السنوات الثلاث السابقة، وإلى الآن لم تتلقّى العائلات ردّا شافيا على استغاثتها، في حين لا زالت تسمع وعود السلطات المحلّية من خلال استفادتهم من عملية إعادة الإسكان قبل شهر جوان ومن قبلها كانت خلال شهر سبتمبر الماضي، حيث جمّدت العملية بسبب الفوضى التي وقعت بالمنطقة بسبب عملية الترحيل التي مسّت البيوت الفوضوية. والآن وخلال شهر رمضان الذي غابت أجواؤه عن هذه العائلات، بعد أن تشتّت شملها بين الأقارب، تستجدي من يؤويها بعيدا عن ظروف العيش في بقايا هذه العمارة. والآن تهدّد هذه العائلات بأنها ستقطع الطريق المؤدّي إلى وزارة الدفاع الوطني أو تقيم خيمات في هذا الطريق حتى تنظر السلطات في قضيتها التي أصبحت تشكّل تحدّيا لهذه العائلات التي ضمّت بينها أبناء تحصّلوا على البكالوريا وشهادة المتوسط بأعلى العلامات رغم كلّ المعاناة، وانعدام الغاز والكهرباء والماء، فكلّ شيء غاب عنهم منذ واقعة الانفجار، ولا زال الأسوأ يطاردهم من خلال استعمال قارورات الغاز التي أصبحت كابوسا لديهم، خاصّة كبار السنّ الذين راحوا ضحّية الانفجار خلال 2010.