طالما ألفنا انتشار طاولات بيع التبغ بمختلف أنواعه من طرف الشبان والمراهقين بحيث كانت ولا تزال تلك الحرفة محل اقبالهم للخروج من قوقعة البطالة والفراغ القاتل، إلا انه حاليا صرنا نصادف نسوة من مختلف الأعمار وهن يقتحمن تلك الحرفة ويعرضن شتى أنواع التبغ على الزبائن بالساحات والأماكن العمومية، وقد اكتسبن زبائن دائمين في لمح البصر بالنظر إلى جدارتهن في ذلك الميدان الذي يقرب أكثر إلى الذكور، إلا أن الظروف المزرية دفعتهن إلى ذلك، وفضلنه عن أساليب أخرى للاسترزاق بعد أن رأينها أكثر جلباً للمهانة على غرار التسول. هن نساء رفعن شعار التحدي بمزاولة تلك الحرفة التي يبعد عنها حتى الشبان والرجال إلا أنهن أبين إلا اقتحام عالمها وكشف مكنوناتها بعد أن نصبن طاولات على مستوى الأزقة والشوارع اصطفت بها شتى أنواع السجائر وحاذينها طوال اليوم للاسترزاق منها حلالاً لاسيما وأنهن كسبن زبائن دائمين في وقت قصير، معظمهم دفعتهم الشفقة على حالهن للتعامل معهن دون أي حرج أو نظرة نقص، بل هناك من يشجعهن كونهن اخترن ذلك الطريق للاسترزاق بدل التسول وإتباع طريق الحرام والرذائل. وفي بادئ الأمر لم يتقبل البعض انتشار تلك الحرفة وممارستها من طرف النسوة والفتيات لاسيما في مجتمعنا المحافظ، لكن شيئا فشيئا بدأ التفاعل والتجاوب معهن واكتسبن زبائن دائمين بالنظر إلى حسن الاستقبال الذي يحضون به على مستوى تلك الطاولات، على خلاف الخشونة الظاهرة على بعض ممتهني تلك الحرف من الرجال، لذلك اختار بعض الزبائن التعامل معهن بعد أن جلبهم مظهرهن البائس وهن في صراع مع شقاء الكسب الحلال. انتشرن بالأبيار، بساحة موريطانيا بالعاصمة، بساحة الأمير عبد القادر... لمزاولة تلك المهنة التي مهما لحقها من شوائب تبقى مهنة شريفة سواء زاولها الرجال أو النسوة مادام أنها تؤدي في آخر المطاف إلى الاسترزاق حلالا. في هذا الصدد وجدنا أن هناك من يؤيد الفكرة وهناك من يعارضها، يقول أحد الشبان انه بالفعل تصادف في كم مرة بهؤلاء النسوة من مختلف الأعمار وهن ينصبن طاولات بيع السجائر، وفي بادئ الأمر - يضيف- تعجب لأمرهن، لكنه ومع الأيام ألفهن وصار يقتني السجائر من عندهن، وما جذبه إليهن هي معاملتهن الحسنة على خلاف بعض الشبان الممتهنين لنفس الحرفة والذين يتميزون بالعصبية والبرود، وقال انه يتعامل معهن دون أي تعقيد أو نظرة نقص لاسيما وان الظروف هي من دفعتهن إلى تلك الحرفة على غرار تلك السيدة المعاقة حركيا والتي تعرض السجائر بساحة موريطانيا واخبرنا انه كثيرا ما تعامل معها فمن جهة يساعدها ومن جهة أخرى يرفع عنها الغبن والتعقيد ونظرات النقص التي تلحقها من بعضهم. أما السيد فريد فقال انه لا يتفاعل البتة مع هؤلاء النسوة ويرى أنهن تجاوزن طبيعتهن الأنثوية فالنسوة مكانهن بالبيت أو المكاتب إن كنا عاملات، ومن شأن تلك المهنة أن تعرِّضهن إلى مضايقات شتى لاسيما وأن هناك من انحرفت وباتت تدخن علانية أمام الملأ دون أدنى حرج، وختم بالقول انه يرفض امتهان النسوة لتلك الحرفة ويرى أن التسول هو أحسن وارحم من ممارسة تلك الحرفة الذكورية المحضة.