عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه، فقال صلى الله عليه وسلم: «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك». يدلنا الحديث على أن «شريحة الأيتام» فيها من الضعف والحاجة إلى العطف والحنان والمساعدة المادية والإنسانية الشيء الكثير، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتنى بهذه الشريحة، حيث قال: « أَنَا وَكافِلُ اليَتِيْمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُما»-صحيح البخاري-. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى اليتيم في القرآن الكريم في ثلاثًا وعشرين موضعا، وفي ذلك إشارة واضحة للوقوف أمام هذه الفئة وأمام احتياجاتها، والمشاكل التي قد تواجهها سواءً أكانت معنوية أم مادية، وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم، فإنه يمكن تصنيفها إلى خمسة أقسام رئيسة، كلها تدور حول: دفع المضار عنه، وجلب المصالح له في ماله، وفي نفسه، وفي الزواج، وفي الحث على الإحسان إليه ومراعاة الجانب النفسي لديه. قال تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ»- النساء . وفي أوائل ما تنزل من القرآن المكي قوله تعالى : «أَرَأيتَ الّذِي يُكَذّبُ بالدّينِ * فَذَلِكَ الّذِي يَدُعُ اليتيمَ * ولا يحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ»- الماعون. وقال تعالى :«فَأمَّا اليَتِيم فَلاَ تَقهَر»- الضحى. قال ابن كثير: «فلا تقهر اليتيم: أي لا تذله وتنهره وتهنه، لكن أحسن إليه وتلطف به، وكن لليتيم كالأب الرحيم. وقال تعالى ممتدحا حال الصالحين: « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيماً وأسيراً»- الإنسان. وروى منصور عن الحسن أن يتيما كان يحضر طعام ابن عمر، فدعا ذات يوم بطعامه، وطلب اليتيم فلم يجده، وجاءه بعد ما فرغ ابن عمر من طعامه فلم يجد الطعام، فدعا له بسويق وعسل فقال: «دونك هذا فوالله ما غبنت». وعدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».