قال الدكتور عبد الرّحيم منار سليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، إن السلفية ظاهرة قديمة في العالم العربي تعود مرجعيتها التأسيسية إلى النّظرية الوهابية للشيخ (محمد بن عبد الوهاب) في انطلاقهَا من فكرة اِرتداد الأمّة الإسلامية المعاصرة وعودتها إلى شرك الجاهلية الأولى، حتى تحوّلت إلى حركة حملت منظورا لإعادة بناء الأمّة الإسلامية وتجاوزت فكرة المسلم النّاطق بالشهادتين إلى المسلم المعتنق للنّظرية الوهّابية، وإن كانت النّظرية قد التقت مع الدولة السعودية في البداية فإنها أنتجت سلفية حملت السلاح ضد الدولة السعودية نفسها (تنظيم القاعدة). ما تعيشه دول ما بعد الربيع العربي حسب ما أكّده الدكتور إسليمي في حديثٍ لموقع (هسبريس) المغربي يبدو مختلفا، ف (الربيع العربي) لم ترافقه مشاريع فكرية وثقافية، بل رافقته ظاهرة إنتاج سلفيات جديدة تسمّي نفسها ب (أنصار الشريعة)، هي حركات سلفية ينطبق عليها وصف الهلامية أو الخيالية، ليس لها تنظيم محدّد وليست لها مرجعية تاريخية وراءها، كما أن قياداتها شخصيات مجهولة لكنها في العمق نوعٌ من الوهّابية الجديدة الحاملة لتقاليد الوهابية القديمة، فهي لحد الآن تجمع بين صفات الوهّابية القديمة وسلوك تنظيم القاعدة المتمرّد على الوهّابية القديمة وصفات المحلّية حسب قضايا البلدان العربية وتوازناتها. الأكاديمي المغربيُّ يرى أن السلفيات التي دفع بها الربيع العربي إلى الواجهة، منها ما تحوّل إلى حزب سياسي (حزب النور في مصر، حزب القمة وحزب الوطن في ليبيا) ومنها ما يتحوّل تدريجيا من مجرّد فكر داعٍ إلى نبذ زيارة القبور والدعاء عندها والاستغاثة منها إلى سلفية تفكّر في القصور، أي في الحكم وقضاياه، وهناك سلفية تسير تدريجيا مع تعثّر بعض إصلاحات مرحلة ما بعد الربيع العربي لتتحوّل إلى خلايا للقاعدة في شكل جديد (ليبيا، تونس والمغرب)، مختلفةً بذلكَ عن الجيلين الأوّل والثاني من تنظيم القاعدة، بمعنى جيل ثالث في شكل حركات جهادية ذات طابع غير نخبوي، فمناخ الاحتجاجات في العالم العربي جعلها تقترب من فئات شعبية من المجتمع وتبدأ في الخروج إلى الشارع.