تمثل المغارات وبساتين البرتقال والمناطق الرطبة التي تزخر بها ولاية وهران الوجهة المفضلة خلال فصل الخريف بالنسبة لكثير من الشباب والعائلات وهواة التجوال والمشي. فرغم التقلبات الجوية التي يشهدها هذا الفصل بين الفينة والأخرى فإن هواة السياحة الثقافية والبيئية لا يترددون في القيام بجولات نحو مغارات ما قبل التاريخ والمناطق الرطبة وبساتين البرتقال التي يزخر بها محيط مدينة وهران. وتشجيعا لمثل هذه الهوايات يعمل الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية على إنعاش السياحة الثقافية وترقية هذا المنتوج وديمومته طيلة السنة من خلال تنظيم رحلات إلى هذه المعالم والغابات خلال أيام العطل الأسبوعية لاكتشاف جمالها في فصل يمنح قدرا كبيرا من الهدوء النفسي داخل هذه المواقع البعيدة عن ضوضاء المدينة. ونظرا لما تحمله من أجواء حميمية عند القيام ببعض الهوايات الأخرى مثل شواء سمك السردين في الهواء الطلق فإن هذه الجولات تحفز كثير من الشباب والطلبة والأسر الوهرانية على تذوق طعم السياحة خارج موسم الصيف والذي هو مغاير عن السباحة في البحر حسب العارفين. وتعتبر مغارات ما قبل التاريخ المتناثرة عبر جبالي (مرجاجو) و(الاقهر) وكذا الكهوف البربرية ببلدية مسرغين (أزيد من 12 كلم عن مدينة وهران) من الوجهات السياحية المفضلة لدى الشباب والطلبة نظرا لموقعها بجبلين مشجرين يكون الأخضرار فيها سيد الطبيعة طيلة السنة ورغم وعورة المسالك المؤدية إليها. وتأخذ هذه الكهوف شكلا جميلا حيث يفتن سحرها الكثير من هواة التجوال مشيا على الأقدام في فصل الخريف المتميز بطقس يلائم محبي تسلق الجبال حسب أحد طلبة الهندسة المعمارية بجامعة العلوم والتكنولوجيا (محمد بوضياف) لوهران. ومعلوم أن هذه الكهوف اتخذها السكان القدماء لوهران ملاجئ لهم هروبا من بطش الرومان، حيث شيدوا بداخلها منازل تحتوي كل واحدة على غرفة أوغرفتين واسعتين كانت تؤويهم من حر الصيف وقر الشتاء وتضاهي في شكلها بيوت (الإسكيمو) التي تقاوم العوامل الجوية استنادا إلى المصادر التاريخية. ومن جهة أخرى يفضل بعض الوهرانيين وكثير من السياح القادمين من مختلف ولايات الوطن زيارة بساتين الحمضيات خاصة مزرعة (كليمون) التي شهدت في 1892 ميلاد صنف جديد من البرتقال الخالي من النواة (الكلمونتين) أو ما يطلق عليها محليا اسم (اليوسفي بدون نواة) والتي اشتهرت بها مسرغين وبوتليليس المعروفتين بغابتي (مسيلة) و(العذراء) اللتين تعتبران قبلة لهواة التنزه. كما تعتبر المناطق الرطبة على غرار (أم الغلاز) ببلدية وادي تليلات و(ملاحات أرزيو) وجهة أخرى في فصل الخريف باعتباره موسم هجرة الطيور المائية التي تلجأ إلى هذه الفضاءات بحثا عن الدفء والأكل مما يسمح للزوار بالاستمتاع بحركات هذه الكائنات والتعرف عنها عن قرب.