الجزء الثاني والأخير ناصر الدين خالف إمام خطيب مسجد عرفات بن عكنون الجزائر ثانيا: سنن و آداب العيد أولاً: التكبير في العيد : يستحب للناس التكبير في ليلة العيد في مساجدهم ومنازلهم وطرقهم وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى: ((ولتكملوا العدة وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولعلكم تشكرون)) [البقرة 185، وقد جاء فيه آثار كثيرة جداً عن الصحابة والتابعين . وعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا: نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: ( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير، وروى الدار قطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يخرج الإمام. وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال :كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا. و كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمرا مشهورا جدا عند السلف ونقل عن جماعة من السلف والنساء يكبرن ولكن بخفض الصوت، لما جاء في حديث أم عطية رضي الله عنها: ( ...حتى نخرج الحُيّض فيكُنّ خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم ويدعنّ بدعائهم..) [ أخرجه البخاري ومسلم]. - صفة التكبير: عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يكبر أيام التشريق : ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).[ مصنف ابن أبي شيبة]. وعنه أيضا:(الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ، الله أكبر ولله الحمد).[رواه المحاملي]. مختلف صيغ التكبير: الأول: الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله، الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد . الثاني: الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله، الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر..ولله الحمد . الثالث: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله، الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد . ثانياً: الغسل والتجمل في العيد : يستحب الغسل والتطيب في العيد ولبس أجمل الثياب، فعن الحسن السبط رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين، أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأثمن ما نجد) [رواه الحاكم. وعن جابر رضي الله عنه قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها في العيدين ) [رواه بن خزيمة] . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أخذ عمر جبة من إستبرق تُباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمّل بها للعيد والوفود..) [أخرجه البخاري ومسلم]. قال ابن قدامة: وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهوراً. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يلبس في العيد أحسن ثيابه. وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد. وفي الغسل ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. وصح عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قال: سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج . ثالثاً: أكل تمرات قبل عيد الفطر: يسن أكل تمرات وتراً، قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر، وتأخير ذلك في عيد الأضحى حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته، إن كان له أضحية. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) وفي رواية: (ويأكلهن وتراً) [أخرجه البخاري وابن ماجه وابن خزيمة]. وفي لفظ آخر قال أنس رضي الله عنه: (ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً) [أخرجه ابن حبان، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ] . رابعاً: التبكير في الخروج للعيد : قال الله تعالى: ((فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ )) [المائدة: 48]. والعيد من أعظم الخيرات، وقد دلت النصوص على فضيلة التبكير إلى الجماعات والجُمعات، والدنو من الإمام، وفضيلة الصف الأول؛ والعيد يدخل في ذلك. خامساً: الخروج ماشيا إلى المصلى : حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( كان يخرج أي النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا) [رواه ابن ماجه وهو في صحيح الجامع ].وعن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشيا، ويرجع في غير الطريق الذي ابتدأ فيه)[صححه الألباني في صحيح ابن ماجه].وقال ابن المنذر: المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع ولا شيء على من ركب . سادساً: مخالفة الطريق : وهو أمر مستحب كما رأى أكثر أهل العلم سواء كان إماماً أو مأموماًُ روى جابر رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) [اخرجه البخاري]. وعن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشيا، ويرجع في غير الطريق الذي ابتدأ فيه) [صححه الألباني في صحيح ابن ماجه]. وفعله صلى الله عليه وسلم تلمّس له العلماء حِكَماً عديدة منها:- لإظهار شعائر الإسلام.- ليشهد له الطريقان.- لإظهار ذكر الله تعالى - لإغاظة المنافقين واليهود.- السلام على أهل الطريقين . - ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة .- أو ليصل رحمه . سابعاً: التهنئة بالعيد : ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض:(تقبل الله منا ومنكم) أو (عيد مبارك) وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة، وصيغة التهنئة بالعيد تكون بحسب عرف أهل البلد ما لم تكن بلفظٍ محرم أو فيه تشبه بالكفار. أ- عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: (تقبّل الله منا ومنك). ثامناً: الفرح واللهو واللعب المباحين في العيد : وذلك من شعائر هذا الدين في العيدين وهي من باب الترويح عن النفس والأهل والأولاد والأحباب.. روت عائشة رضي الله عنها: (دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (دعهما) فلما غفل غمزتُهما فخرجتا) [أخرجه البخاري ومسلم] وفي رواية مسلم: (تغنيان بدف). وعن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ (لتعلم يهود المدينة أن في ديننا فسحة: إني بعثت بحنيفية سمحة). وعنها أيضا رضي الله عنها: (جاء السودان يلعبون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فدعاني فكنت أطلع إليهم من فوق عاتقه فما زلت أنظر إليهم حتى كنت أنا التي انصرفت) [ سنن النسائي وصححه الألباني].