(10 سنين في الشاليهات بركات)، (يا الوالي شوف في حالة الزوالي)، هذه كانت شعارات رفعتها العشرات من العائلات التي تنقلت من الهراوة إلى مقر ولاية الجزائر صبيحة أمس الأربعاء من أجل المطالبة بمقابلة الوالي لوضع النقاط على الحروف في معاناة 315 عائلة تسكن جنبا إلى جنب مع الموت منذ أكثر من عشرة سنوات داخل شاليهات أكل عليها الدهر وشرب. شهد مقر ولاية الجزائر صبيحة أمس حالة طوارئ بعد أن تنقلت العشرات من العائلات القاطنة بشاليهات عين الكحلة في الهراوة، حيث سادت موجة غضب عارمة بين المحتجين بالنظر إلى تواصل معاناتهم، منذ زلزال بومرداس، بالإضافة إلى حوادث الحرق التي مست العديد من الشاليهات في الآونة الأخيرة بشكل خطير. كما بادرت قوات الأمن إلى تطويق المنطقة خوفا من انزلاق الأمور مع استمرار موجة الغضب محاولة التهدئة عن طريق التفاوض مع ممثل العائلات المحتجة، والتي تواجدت بينها حتى النساء والأطفال، فالقضية حسبهم أصبحت خطيرة، خاص في الفترة الأخيرة، فالموت يلاحقهم أينما ولوا وجوههم في شاليهات الرعب بعين الكحلة. وعند تنقّلنا إلى عين المكان ألفينا أيضا كبار في السنّ ألقت بهم الأقدار في حفر التهمت ما تبقى من أعمارهم، فمن جهة الأوضاع المزرية التي تعرفها الشاليهات، التي من المفترض أن مدة استعمالها لا تتجاوز 18 شهر، إلا أن الفترة أصبحت اليوم أكثر من 10 سنوات. ففي عين الكحلة أطفال ولدوا وكبروا بين الجراذان والمياه القذرة تطاردهم موجة الانحراف، لم ينعموا بعد بالنوم براحة، خاصّة وأن النيران بدأت تتسع دائرتها. فخلال يوم واحد خلال هذا نهاية هذا الأسبوع التهمت النيران 6 شاليهات، على فترتين مختلفتين، والحادثة كانت مروعة بشهادة السكان الذين عبروا لنا عن تخوفهم من تكرار التجربة، خاصّة وأنهم لا يزالون إلى غاية اليوم تحت الصدمة من عظم المشهد الذي عايشوه، والذي كانوا يرونه فقط عبر أفلام الرعب، إلا أن الرعب كان اكبر من مجرد تمثيل سينمائي، بل هو واقع تعيشه 315 عائلة بالهراوة. للإشارة، فإن هذه العائلات تحوي بينها أبناء شهداء ومتقاعدون وجدوا أنفسهم عالقين في حفر تتحول شيئا فشيئا إلى قبور جماعية، تحمل أحلامهم في سكنات جديدة عمرها أكثر من عشرة سنوات، فبعد أن فروا من الموت تحت الأنقاض في زلزال بومرداس، قادمين من بيوت هشة لم تتحمل قوة الزلزال، ألقت بهم السلطات المحلية في هذه الشليهات بصفة مؤقتة، إلا أن الموت تحول إلى كابوس يطاردهم طيلة السنوات الماضية، والأسوأ هو وقوع الضحايا، فلقد وجدت طفلة في ربيع العمر نفسها معوقة بعد أن زلت قدمها في أرضية الحمام الذي اهتزّت أرضيته، فكان سببا في التسبّب في عاهة مستديمة لفتاة ليس لها ذنب إلاّ أنها ولدت في أحضان الموت بعين الكحلة. وطالبت هذه العائلات خلال احتجاجها أمام مقر ولاية الجزائر، بمقابلة والي العاصمة من أجل أن يتدخل شخصيا لحل قضيتها، خاصة مع تكرر الوعود الغير الملموسة على ارض الواقع من طرف السلطات المحلية، على مر السنوات الماضية فإما يوفرون لها سكنات بشكل فوري وإما منحهم بديل لهذه الشاليهات التي تعد تصلح للسكن، بعد ا تعرضت إليها للحرق، وتسربت مياه الأمطار إليها بشكل كبير، مما دفه العائلات إلى الهروب منه إلى الشارع. ولقد وعد المحتجون بلقاء الوالي هذا الأحد للاطلاع على مأساتهم، فهذه الأسر المنكوبة منذ أكثر من عشر سنوات تريد فقط أن لا تتحول عين الكحلة إلى لون أسود عليهم على أرض الواقع، خاصّة وأن الخطر يقترب جدا منهم مع تواصل تساقط الأمطار في الآونة الأخيرة، حيث أصبح المبيت في العراء يطبع يومياتهم، فهل ستلبّي ولاية الجزائر استغاثة ضحايا زلزال بومراداس؟