الإعلان عن تأسيس الأكاديمية العربية لعلوم أمراض الحساسية والمناعة العيادية    الذكرى ال64 لاستقلال موريتانيا: المجلس الأعلى للشباب ينظم حفلا على شرف الطلبة الموريتانيين بالجزائر    نثمّن قرارات الرئيس تبون لدعم الفلاحين ضمانا للأمن الغذائي    قرار محكمة العدل الأوروبية، إقرار دولي جديد بعدالة القضية الصحراوية واعتراف صريح بأن الوجود المغربي في الإقليم استعمار    الجزائر الجديدة حريصة على دعم الشراكة والتكامل الإفريقيين    قوات الاحتلال الصهيوني ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في غزة خلال عام من الإبادة    الدورة ال40 لمجلس وزراء العدل العرب: بوجمعة يبرز جهود الجزائر في المرافعة لصالح القضية الفلسطينية    قانون الاستثمار يفتح آفاقًا جديدة لقطاع الصحة بالجزائر    عنابة: افتتاح الملتقى الدولي حول أمراض القلب والأوعية الدموية بمشاركة 300 أخصائي    تأكيد على محاربة الجرائم وتعزيز الحريات    المرأة الصحراوية شَجاعة لا متناهية    دعوات لوقف العدوان الصهيوني وتجسيد الدولة الفلسطينية    طابع بريدي "مع غزّة" نصرة للقضية الفلسطينية    قفزة نوعية في قطاع البريد والمواصلات    الجزائر تستضيف الاجتماع السنوي ال14 ل"اتحاد أمان"    عودة لأدب المقاومة والصمود    أدب الخيال العلمي أكثر صدقا في وصف الواقع    توظيف فضاء الخشبة لترسيخ الهوية الثقافية    تنصيب مدير جديد لديوان عميد جامع الجزائر    سيدات "الخضر" للتأكيد أمام أوغندا    برنامج لتلقيح التلاميذ    سارق خطير في قبضة الشرطة    توقيف مروّجَي مهلوسات    "الحمراوة" لتفادي التعثر بأيِّ ثمن    "الخضر" يحافظون على المرتبة 37 في تصنيف "الفيفا"    رياضة/ الألعاب الإفريقية العسكرية-2024: المنتخب الوطني العسكري للرمي يحصد 32 ميدالية منها 11 ذهبية    التأكيد على اهمية النقابات كقوة فاعلة لتمكين الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة    مالية: الصكوك السيادية, أداة جديدة لتنويع مصادر تمويل البنية التحتية    الغرفة الوطنية للفلاحة تثمن قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة لدعم الفلاحين    الجزائر ضيف شرف بعنوان إفريقيا في الطبعة ال28 للصالون الدولي للصناعة التقليدية بإيطاليا    فيفا/جوائز: الدولي الجزائري ياسين بن زية مرشح لنيل جائزة الفيفا لأجمل هدف ل2024    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا لإطلاق المرحلة الثانية للإحصاء الاقتصادي الوطني    بلدية الجزائر الوسطى تنظم تظاهرة "يوم بدون سيارات" طيلة هذا الجمعة    باتنة: افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الناطق بالأمازيغية في طبعته ال13    متحف "أحمد زبانة" لوهران: معرض لتخليد روح الفنان التشكيلي الراحل مكي عبد الرحمان    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    المهرجان الدولي الثامن للفن المعاصر: تكريم الفنانين التشكيليين الفلسطينيين    حشيشي يتباحث بأبيجان فرص الشراكة مع وزير المناجم والبترول والطاقة الإيفواري    قسنطينة.. دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    أدرار: توقيع إتفاقيتي تعاون لفتح مركزين لتطوير المقاولاتية بقطاع التكوين والتعليم المهنيين    سبعينية الثورة التحريرية: المسرح الجهوي لتيزي وزو يعرض "سفينة كاليدونيا    قسنطينة: دخول عدة هياكل صحية عمومية جديدة ستعزز منظومة القطاع بالولاية    افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    المشروع سيكون جاهزا في 2025..خلية يقظة لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الافتراضي    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    جوع شديد في غزّة    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رَكَائِزُ نَهْضَةِ الأُمَّةِ الإسْلامِيَّةِ
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 01 - 2013


بقلم: الدكتور بليغ حمدي إسماعيل
لعل أبرز مشكلات العصر الراهن مشكلة الجيل الحائر الذي فقد المثل الأعلى والهدف الصالح والغذاء الروحي والقدوة الحسنة والفكرة السليمة التي يمكن أن يجتمع عندها الشمل وتأتلف الكلمة وهو ما نفتقده بوضوح هذه الأيام بعدما تفرقت الكلمة بين تيارات إسلامية وجبهة إنقاذ وتيار شعبي وحركات ثورية تأتي من كل فج عميق وتهوي بنا إلى مستقر سحيق. وطالما يتعرض هذا الجيل إلى هزات عنيفة من اليأس والأمل والمفارقات الطريفة من الإقدام والتردد والصراع الأليم بين الواقع المر والحلم الذي نعيش فيه، ومن ثم فالواجب على رجال الدين أن يستنهضوا عزائم الشباب لتشخيص دائهم وتقديم العلاج الصحيح لهم، وضياع الجيل الحالي مفاده أن المعنيين بعلاج الشباب روحيًا يخطئون في تشخيص الداء ثم يضعون حلولاً غير عملية لمشكلات وهمية لم تقم على أسس من الدراسة الواعية والفحص الصادق العميق، وتكون النتيجة في تلك الحالة أن تذهب جهودهم سدى ويستسلمون لليأس بعد أن يبلوا البلاء الصادق في كدهم وجهدهم، وينفقون الأعوام الطوال في الجهاد والكفاح.
ولنا أن نؤكد أن التاريخ مملوء بالمصلحين والضحايا منذ الأزل فما انتفى الشر ولا صلح الحال، ولكن جهود المصلحين لم تذهب عبثًا، وإنما أفاءت على الإنسان جسدًا وفكرًا وروحًا ما لا يحصى من الخيرات، وغاية الأمر من ذلك طموح أبدًا لا يكاد يعتلي درجة من درجات الرقي حتى يتطلع إلى أخرى، وتتلخص سعادته ورقيه في هذا التطلع والعمل له، وما دام في الإنسان نفس يتردد فلن يهدأ له بال ولن يستقر على قرار ولن يكتفي بجهد السابقين فيما قدموه له، بل عليه أن يأخذ دوره مثلهم وأن يجعل حياته عامرة بالجهاد والنزوع. وهناك ضرورة أن يقوم كل جيل بدوره في تصحيح أخطاء مجتمعه، وفي السمو به مادة وروحًا إلى أعلى، ومفرق الطرق بين مصلح ومصلح لا في مقدار الجهد ولا الحماسة للفكرة، وإنما في تشخيص الداء، ووضع يده على المشكلات الحقيقية التي تعوق طريق مجتمعه عن الرقي والنهوض.
وإذا كانت الخطوة الأولى وهي تشخيص الداء تبدو عسيرة، فإن الخطوة الثانية لإصلاح المجتمع هي أشد عسرًا من الأولى، فقد يتفق أكثر من واحد على تشخيص الداء ويختلفون في تحديد العلاج. وهو ما نلاحظه اليوم مع تعدد المذاهب، والتي عادة ما ترجع إلى مذهبين جامعين المذهب الجماعي والمذهب الفردي ونحن نرى أن من بين أتباع المدرستين من وفق توفيقًا لا شك فيه في الكشف عن العلل الدفينة، ولكننا لم نر بعد من وفق مثل هذا التوفيق في العلاج الصحيح مع أن كليهما يشتعلان غيرة صادقة على خدمة الإنسان.
وإذا فكرنا سويًا بمنطق المشاركة لا المغالبة في الرقي والنهوض بأمتنا الإسلامية فمن الأحرى علينا جميعًا أن نحدد الحلول المتينة لنهضة الأمة واستباق الرقي والتقدم منها وهذا لا يتحقق إلا عن طريق الجزاء الذاتي أي محاسبة المرء لنفسه قبل محاسبة الآخرين، والجزاء الذاتي هو أن تفعل ما تعتقد أنه الخير بدافع داخلي محض أشبه بالاستجابة الطبيعية التلقائية منه بالعمل المحدد المرسوم، أن تفعل الخير جهد ما تستطيع لأنه خير، لا لأنك تثاب عليه أو لأنك ستتلقى الشكر من أحد.
فلنتدبر جيدًا ولنفتح عيوننا وبصائرنا لنعلم أن كل ما نعانيه من خلط واضطراب وتخبط في أمورنا وفي معاناتنا للحياة الكريهة التي نعيشها إنما هو لسبب واحد: هو أننا غفلنا في تاريخنا كله عن هذا القانون العظيم الذي يتلخص في كلمتين اثنتين: الجزاء الذاتي. إن خطيئتنا الكبرى على مدى التاريخ أننا ألقينا بالجزاء من الداخل إلى الخارج، فتعلق الإنسان به سواء أكان جزاءً دنيويًا أم أخرويًا، غافلين عن الجزاء الحقيقي الأسمى الذي ينبع من النفس ذاتها، والذي يعلو على كل جزاء، إننا في حاجة أن نوليه الجزء الأكبر من عنايتنا والنصيب الأوفر في ثقافتنا وتربيتنا حتى ينال منا ما هو جدير به من الاهتمام الكامل، والتقدير الصحيح وبعدها سوف نفخر أننا نعيش في مجتمع بشري متحضر لا كهذه الذرات المتناثرة التي تتخبط في عماء.
فهذا التخبط في كل شيء من شؤوننا، وهذه الفوضى الضاربة أطنابها في كل ناحية، والانحلال الذريع في كل مكان، هذا كله لا علاج له إلا شيء واحد الإسراع في تطبيق هذا المبدأ الجليل، ولا يفهم من هذا أن هذا المبدأ غير معمول به حتى الآن، فما أعمال الأنبياء والمصلحين والمخلصين من أبناء البشر منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا إلا ترجمة دقيقة له، حتى إنه روي عن سيف الله المسلول خالد بن الوليد أنه قال: (لو لم أؤجر على ترك الكذب لتركته أنفة).
وما أجمل الجزاء الذاتي! وما أسماه! وما أرقه! خاصة حينما تسود بيننا قيمة عليا وحينما يحاول كل فرد أن يطبقها في حياته جهد ما يستطيع، إنه الأساس المتين لكل ما يبنى عليه من القيم العليا في مجتمعاتنا العربية الإسلامية بإذن الله.
ومن ركائز نهضة الأمة الإسلامية أيضاً إظهار الحق عن طريق الإقناع، ويعني أن المناخ الصالح للفكرة هو التسامح المطلق مع كل رأي آخر ودرسه بحرية مطلقة وإفساح الطريق لكل فكرة جديدة مهما تكن مناهضة لآرائنا وكل حجر على حرية الرأي لأي عذر وأي تبرير يجب أن نجعله دبر أذاننا وليكن الحكم الفيصل بين ما لكل فكرة وما عليا هو موقف الرأي العام منها بعد دراستها وتمحيصها وإعطائها فرصة الحياة والظهور.
فالنقاش الحر البنّاء هو الذي يكشف زيف الفكرة أو صدقها ويوضح صحيحها وباطلها، وقد تكون الفكرة ناقصة فيكملها غير صاحبها، وقد تتجلى لنا أثناء النقاش أفكار أخرى لا تخطر على بال صاحب الفكرة أو من يعارضه، ويكفي أن يشعر كل صاحب رأي أنه محل احترام مواطنيه وأهلاً لثقتهم ليضرم في قلبه نار الإخلاص والكدح في تقديم كل ما يمتع وما يفيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.