بهدف زرع روح العمل وكسب بعض المال التطريز والخياطة مهن راسخة في الأسر الجزائرية تحرص العديد من الأمهات من أجل الحفاظ على بعض المهن اليدوية حتى لا تندثر خاصة ونحن في زمن التكنولوجيا، حيث عوضت الآلة يد الإنسان، إذ تلجأ الكثير منهن إلى نقل ما يعرفنه من مهارات إلى بناتهن اللواتي سيصبحن ربات بيوت في المستقبل القريب أو البعيد. حيث لا تزال العديد من ربات البيوت يرغمن بناتهن على امتهان بعض الأعمال خاصة منها تلك المتعلقة بالتطريز والحياكة بالإبرة ويتخذن منها وسيلة لكسب المال، خاصة في فصل الصيف حيث تتفرغ جميع الفتيات من الدراسة، إذ تفضل البعض منهن عدم التنقل لقضاء العطلة خاصة مع شهر رمضان والاستراحة بالبيت وكسب حرفة تمكنهن من جمع بعض المال لهذا تقوم بعض العائلات محدودة الدخل بإقحام بناتهن المراهقات في هذا العالم لاكتساب الخبرة سواء برغبتهن أو مرغمات على ذلك، على الرغم من أن الابنة المراهقة ابنة هذا الجيل ترفض تعلم مثل هذه الأعمال التي طوى عليها الزمان ليتم تعويضها بهوايات أخرى بعيدا عن مجال الإبر والخيوط التي تتعب الكاهل. في هذا الشأن أفادتنا (حياة) أم لثلاث بنات برأيها من خلال قولها: (لقد تغير الزمان وتغيرت معه المفاهيم والنمط المعيشي حيث أصبح للفتاة أو المرأة بصفة عامة طموحات مختلفة عن طموحات المرأة قديما التي كانت تضع الزواج والإنجاب وتعلم مهارات الخياطة والطرز في الخانة الأولى من قائمة اهتماماتها، أو بالأحرى كانت تعتبره الطموح الوحيد تقريبا عكس نساء اليوم اللواتي تبرأن من ذلك التفكير وقررن أخذ منعرج آخر لتنقلب الأمور رأسا على عقب وترسم المرأة قائمة طويلة من الطموحات بدءا بالحرص على تحصيل العلمي الجيد إلى غاية نيل أعلى مناصب العمل لتكون في الوقت الراهن عنصرا ذا فعالية في المردود العلمي). أما (إلهام) فقد كان رأيها كالتالي: (كان ينظر للمرأة على أساس أنها موجودة بدرجة كبيرة لتحمل أعباء المنزل وكل ما يتعلق به من أعمال ومنها تربية الأطفال، وأي مجال خارج أسوار جدران البيت هي في غنى عنه، لكن المفهوم الحالي تغير جذريا لذا نجد أن الفتيات المراهقات اللواتي يقمن بمداعبة الإبرة قليلات وأنا شخصيا أولي اهتماما أكبر لدراستهم فبدل إجهادهم في العمل من أجل كسب المال أقوم أنا بهذه المهمة لأننا مسؤولون على توفير كل متطلباتهم إلى غاية نهاية تحصيلهم العلمي وحصولهم على وظيفة)، أما (نصيرة) فترى أنه ليس من العيب أن تدمج ابنتها المراهقة في هذا العالم خاصة في العطل، فمن جهة تملأ وقت فراغها ومن جهة أخرى تكسب حرفة تجدها في مستقبلها لبيتها وأولادها، لتضيف قائلة: (من منا لا يملك إبرة وخيطا ببيته؟). وللمراهقات الصغيرات رأيهن في الموضوع حيث تقول (ليندة) صاحبة السابعة عشرة من عمرها: (تهوى أمي أشغال الإبرة منذ صغرها حسب ما أعلمتنا به، وبعد زواجها طورت هذه الهواية واتخذتها كوسيلة لزيادة دخل الأسرة ومساعدة أبي حيث قامت باستعمال إحدى الغرف وحولتها إلى مشغل مليئ بالإبر والخيوط)، وبابتسامة رقيقة تقول (ليندة): (لا يمر يوم علينا إلا ونقوم بمعركة صغيرة في البيت أنا وأمي لأنني أكره وأرفض تعلم هذا النوع من الأعمال التي تصر أمي على أن أساعدها فيها خاصة في وقت الامتحانات لأنني لا أستطيع أن أخيط ملابس الزبائن على حساب دراستي، وأكثر ما يغيظني فعلا هي ادعاءات أمي أمام زبائنها على أنني أعشق هذه الهواية لأنني عكس ذلك تماما). ليبقى الخطأ الأكبر الذي تقع فيه بعض الأمهات هو إرغام بناتهن على تعلم هواية لا يحببنها، لأنه يفترض أن تكون فترة المراهقة هي فترة تحديد هواية معينة سوف تستمر مع الابنة طوال حياتها، لذا فعلى جميع الأمهات أن تترك بناتها تختار ما تحب ولا تنظر إلى الأمر على أنه وراثة إطلاقا لأن الهوايات نوع من القدرات التي تختلف من شخص لآخر.