إن كانت مستشفياتنا عنوانا للفوضى واللامبالاة في كامل أيام السنة فإن وضعها في رمضان يزداد سوءا، وتنقلب إفرازاته السلبية على المرضى الذين يتم تقاذفهم من مصلحة إلى أخرى ويجبرون على الانتظار لساعات طوال لأجل الكشف على الرغم من حضورهم في آجال مواعيدهم الطبية، وما يميز معظم المستشفيات الطوابير الطويلة من أمام قاعات الكشف بحيث يبقى الطابور على حاله، والسبب أن الطبيب المشرف على المواعيد الطبية لم يتكرم بالحضور من أجل معاينة المرضى وتركهم للإهانات والنهر والصراخ الصادر من بعض الممرضين. وفيما تجرع بعض المرضى تلك الأوضاع عن مضض فإن مرضى آخرين قرروا الاستسلام إلى الأوجاع وهجروا المستشفيات خلال رمضان كونهم لم يحتملوا الوضعية المزرية التي تتخبط فيها أغلب المصالح في كامل المستشفيات وما يميزها الانتظار المطول، الإهمال المعلن، للمصالح، تيه المرضى وذويهم إلى غيرها من المظاهر المؤسفة التي باتت تتكرر في مستشفياتنا ويدفع ثمنها المرضى. وفي زيارة لنا إلى بعض المستشفيات على غرار مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الدويرة، وقفنا على المعاناة التي يتكبدها المرضى وتيههم بين المصالح ناهيك عن انتظارهم الطويل من دون الظفر بكشف ومعاينة من طرف الطبيب المختص، ومنهم من قطع كيلومترات لذات الغرض إلا أنه لم يحظ بالاستقبال اللائق ووجد نفسه وهو يتخبط هنا وهناك بين المصالح. وهو ما بيّنه أحد المرضى بمستشفى الدويرة إذ قال إنه قدم من ولاية وهران منذ الصباح الباكر لأجل الكشف، ووجد نفسه وهو ينتظر لساعات طوال دون أن يحصل على توجيهات من طرف الممرضين الذين باتوا لا يفلحون إلا في النهر والصراخ في وجوه المرضى وباتت هي تلك غايتهم المرجوة. ناهيك عن الطوابير الطويلة التي قابلتنا لمرضى يتحينون في كل لحظة قدوم الأطباء لإزاحة همهم، لكن هيهات أن يتحقق مرادهم فذلك المطمع هو بعيد المنال ولا يحظون به إلا بعض مضي وقت طويل هذا وإن سلموا من تأجيل موعدهم إلى وقت لاحق. وهو ما ذكره أحد المرضى الذي التقيناه بمستشفى مصطفى باشا الجامعي والذي سرد علينا مأساته، إذ قال إنه وبعد الانتظار منذ الصباح الباكر تفاجأ للممرض وهو يخبره أن الطبيب المشرف غائب وعليه العودة الأسبوع القادم ما حطم معنوياته، وهو الذي قطع كيلومترات ووفد من ولاية بومرداس قصد الكشف وعبر بالقول أن في ذلك ظلم كبير للمرضى وزيادة في معاناتهم وأوجاعهم. وكانت أجواء مكهربة عاشتها بعض المستشفيات ميزتها مشاهد العراكات والملاسنات الحادة بين المرضى والممرضين بسبب عدم تحمل تلك الأوضاع المزرية التي ازدادت سوءا وتضاعفت شدتها في أيام الشهر الفضيل، وعكرت مزاج المرضى وزادت في معاناتهم بدل التخفيف عنهم ووجدوا في ذلك إجحافا في حقهم خصوصا وأن الحق في العلاج هو حق مكفول لهم ووجب أن تسخر تلك المستشفيات لخدمتهم بدل الزيادة في همومهم بسبب الفوضى العارمة ومظاهر التسيب التي لازمت أغلب المستشفيات.