أعلن اتحاد الشغل -أكبر نقابة في تونس- أن الحوار الوطني للخروج من الأزمة القائمة منذ شهرين سيبدأ اليوم السبت، وهو ما أكدته لا حقا حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم. وقال الاتحاد في بيان نشر -في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك- إن أولى جلسات الحوار ستعقد صباح اليوم السبت في قصر المؤتمرات بالعاصمة. وجاء هذا الإعلان بعيد لقاء بين أمين عام الاتحاد حسين العباسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. ومن المقرر مبدئيا أن يشمل الحوار كل القوى الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي استأنف أعماله مؤخرا بعد تعليق استمر أسابيع. من جهتها، قالت حركة النهضة إن اللقاء الذي جمع الغنوشي والعباسي ناقش الاستعدادات والترتيبات لانطلاق الحوار الوطني على قاعدة مبادرة الرباعي الراعي للحوار آخر هذا الأسبوع. وكانت حركة النهضة أكّدت مجدّدا هذا الأسبوع قبولها بمبادرة اتحاد الشغل والمنظّمات الثلاث الأخرى (اتحاد الصناعة والتجارة، ورابطة حقوق الإنسان، وهيئة المحامين) التي تنص على استقالة الحكومة الجديدة وتشكيل أخرى مستقلة خلال ثلاثة أسابيع، واستكمال المسار التأسيسي، أي الدستور والقانون الانتخابي ولجنة الانتخابات المستقلة، وتحديد موعد الانتخابات. لكن النهضة شددت في الوقت نفسه من خلال عدد من قادتها على ضرورة تلازم مساري استقالة الحكومة، والمصادقة على الدستور وتحديد موعد الانتخابات القادمة. وقال وزير الصحة -والقيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي الذي حضر لقاء الغنوشي والعباسي- إن حركته تدخل اللقاء بعقلية منفتحة لإنجاحه. وأضاف أن النقاش لم يبدأ حتى الآن بشأن المرشح لتشكيل الحكومة المقبلة التي يفترض أن تشرف على الانتخابات. وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي في مقابلة مع الجزيرة مساء الأربعاء إنه يتوقع أن تتم الانتخابات في الربيع المقبل. في سياق ذي صلة، وضعت الاتهامات التي كالها أعضاء بلجنة الدفاع في قضية اغتيال المعارضيْن التونسييْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي لحركة النهضة بالضلوع في الاغتيالين، الحوار الوطني والمشهد السياسي برمته على صفيح ساخن. واتّهم عضو لجنة الدفاع في قضية الاغتيالين الطيب العقيلي أثناء مؤتمر صحفي أول أمس، أمنيين وقياديين من حركة النهضة بالتورط -إلى جانب قائد المجلس العسكري بطرابلس عبد الحكيم بلحاج- في الاغتيالات وتخزين الأسلحة وتدريب عناصر من تنظيم (أنصار الشريعة) المحظور. هذه الاتهامات التي استند صاحبها إلى وثائق أمنية مسرّبة كشفت بعد وثيقة سابقة تضمنت تحذيرا من المخابرات الأمريكية بوجود مخطط لاغتيال البراهمي وأحدثت ضجة لعدم توفير حماية أمنية له، فجّرت غضب المعارضة التي خرجت في احتجاجات مناوئة للحكومة. وتأتي هذه التصريحات بينما تقود المنظمات الراعية للحوار -وعلى رأسها اتحاد الشغل الذي تلقى تهديدات (إرهابية)- مشاورات مع المعارضة لترتيب موعد الحوار، لاسيما بعد قبول حركة النهضة بخارطة طريق تقضي باستقالة الحكومة الحالية بعد إنهاء المرحلة الانتقالية. وفي الجهة المقابلة وصف القيادي بحركة النهضة عامر العريض الاتّهامات المنسوبة إلى الحركة بالضلوع في اغتيالات مع جهات أمنية وأطراف ليبية، بأنها (أكاذيب) تسعى من خلالها أحزاب معارضة (تؤمن بمنطق الصدام والتصعيد في الشارع لتعطيل الحوار). ومن جانبهم، وقع العشرات من نواب الائتلاف الحاكم بالمجلس الوطني التأسيسي التونسي أول أمس على بيان يطالب رئاستي الحكومة والجمهورية برفض دعوات الاستقالة كما تطالب بذلك المعارضة قبل انطلاق حوار وطني لحل الأزمة السياسية في تونس. وذكرت وكالة الأنباء التونسية أن 45 نائبا وقعوا على بيان طالبوا فيه مؤسستي رئاسة الجمهورية والحكومة برفض دعوات الاستقالة (أيا كان مأتاها)، واعتبروا المطالبة بحل المجلس التأسيسي (نشازا). وينتمي النواب الموقعون على البيان إلى كتل حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الأحزاب الثلاثة المشكلة للائتلاف الحاكم إضافة إلى نواب من حركة وفاء وتيار المحبة المقربين من النهضة.