مع إعلان الولايات المتّحدة تكثيف جهودها لدعم الفصائل التي تصنّفها ب (المعتدلة) في سوريا، خاصّة في مناطق الجنوب، تبدو الصورة مغايرة تماما بالشمال السوري الذي تسيطر فيه الفصائل الإسلامية على مجمل الأوضاع بالمناطق التي خرجت عن سيطرة النظام. وكانت وسائل إعلام غربية قد أشارت إلى أن واشنطن وسعت من جهودها السرية لتدريب المعارضة السورية، وأرسلت فرقا إضافية لمواقعَ سرية بالأردن لمضاعفة عدد المتدربين، وقالت إن برنامجا تشرف عليه الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) سيظل محدودا وصغيرا حتى بعد توسيعه لينتج عنه تدريب بضع مئات من المقاتلين كل شهر فقط. غير أن أفق هذا البرنامج يبدو متاحا بمناطق الجنوب السوري المحاذي للأردن، خاصة وأن الأردن والسعودية على علاقة طيبة بالمجلس العسكري بدرعا الذي يقوده أحمد فهد النعمة، وهو مجلس مشكل من فصائل عدة تعمل على الأرض ويحظى بدعم كبير من الدولتين بهدف تقويته في ظل تنامي قوة التنظيمات الإسلامية وخاصة جبهة النصرة التي باتت رقما صعبا بالمعادلة السورية. لكن هذا الأفق لا يبدو متاحا بمناطق الشمال السوري التي خرجت من عباءة النظام السوري، حيث الغلبة الواضحة للفصائل الإسلامية، لاسيما ألوية التوحيد وأحرار الشام، والدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة ، إضافة لكتائب وتجمعات ألوية تعمل بالشمال السوري وبمحافظة حلب بشكل خاص، وتجمعات بإدلب أبرزها لواء داوود الذي ينشط بشكل لافت، عوضا عن الألوية العاملة بريف دمشق وأبرزها لواء الإسلام. ويؤكّد القائد العام للواء اليرموك الناشط بجنوب سوريا بشار الزعبي وجود هذا البرنامج الأمريكي، وقال (فكرة التدريب عن طريق الاستخبارات الأمريكية طرحت من قبل، ولكن للآن لم يجر أي شيء على الأرض)، وتابع (بالنسبة لنا لم نبعث أحدا للتدريب ضمن هذا البرنامج، ونعتقد أن إعادة طرحه الآن من باب التصعيد ضد النظام فقط). وانتقد الزعبي البرنامج الذي قال إنه (يدرب مقاتلين دون تزويدهم بالسلاح، وهو ما يجعله بلا جدوى). ولا يرى القائد العام للواء اليرموك أن البرنامج موجه ضد الفصائل الإسلامية التي قال إن قوتها بجنوب سوريا لا تزيد على 10 بالمائة. وكانت صحف بريطانية نشرت الشهر الماضي إحصاءات استنادا إلى مصادر باستخبارات غربية أفادت بأن عدد مقاتلي الفصائل الإسلامية بسوريا يزيد على مائة ألف منهم نحو 20 بالمائة فقط من تنظيمي دولة العراق والشام وجبهة النصرة اللذين يعتبران الأعلى تنظيما بين الفصائل العاملة. ويرى متابعون للعمل المسلح على الأرض بشمال سوريا أنه لا جدوى من هذه البرامج في ظل غلبة الفصائل الإسلامية.