مازال فيروس (كورونا) يشكّل كابوسا حقيقيا للملايين من زوّار بيت اللّه الحرام، بينهم نحو 28 ألف حاجّ جزائري يبدو أن عليهم الاِلتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي الإصابة بالفيروس الخطير رغم تطمينات السلطات السعودية التي تسعى لتجنّب حصول (بلبلة) وسط الحجّاج ناتجة عن الشعور بالرّعب من الإصابة ب (كورونا). رغم أن متتبّعين لا يستبعدون إمكانية زحف (كورونا) على البقاع المقدّسة وتهديده لصحّة ملايين الحجّاج، ومنهم حجّاج الجزائر، إلاّ أن مسؤولي الصحّة العامّة في دول الخليج عموما وفي السعودية بوجه خاص قلّلوا من شأن المخاوف من تفشّي فيروس (كورونا) المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط القاتل بين الحجّاج المسافرين لأداء فريضة الحجّ في المملكة العربية السعودية هذا الشهر على الرغم من أن الأطبّاء ينصحون كبار السنّ ومن يعانون من مشاكل صحّية قائمة والنّساء الحوامل والأطفال الصغار بأن يبتعدوا عن الأماكن المقدّسة. وقد أكّدت المختبرات في المنطقة وجود 136 حالة في المنطقة مصابة بفيروس (كورونا) المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفّسية حتى 4 أكتوبر، بما في ذلك 58 حالة وفاة منذ أفريل 2012، وفقا لتقارير منظّمة الصحّة العالمية. تجدر الإشارة إلى أن معظم حالات الوفاة حدثت في المملكة العربية السعودية، حيث من المتوقّع أن يتجمّع مليونا مسلم في منتصف أكتوبر لأداء فريضة الحجّ السنوية في المدينتين المقدّستين مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة. ويُعتبر هذا الفيروس من عائلة المتلازمة الرئوية الحادّة الوخيمة (سارس) التي اجتاحت آسيا في عامي 2002 و2003، ممّا أسفر عن وفاة أكثر من 700 شخص. ويمكن لفيروس (كورونا) المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفّسية أن يسبّب صعوبات في التنفّس وإسهال وفشل كلوي، وفي الحالات القصوى قد يؤدّي إلى الموت. ويقول وزير الصحّة بالمملكة العربية السعودية عبد اللّه الربيعة إن بلاده مستعدّة لمواجهة تفشّي هذا المرض، لكنه شدّد على ثقته في أنه لن تكون هناك مشكلة نظرا لعدم تسجيل حالات خلال عمرة شهر جويلية أو في موسم الحجّ الماضي. لقد كلّفت البلاد التي شهدت ظهور 120 حالة إصابة و49 حالة وفاة منذ سبتمبر 2012، مختبرين بإجراء فحوص خاصّة للكشف عن فيروس (كورونا) المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفّسية، كما سيتمّ أيضا الاستعانة بنقاط المراقبة الصحية القائمة على الحدود (التي أنشئت لضمان تطعيم الحجّاج ضد الالتهاب السحائي والحمّى الصفراء) لترقّب ظهور أيّ حالات إصابة بالمرض. وفي السياق نفسه، ستقوم السلطات الصحّية في جميع أنحاء الشرق الأوسط التي يرسل الكثير منها بالفعل فرقا كبيرة لتقديم الدعم الصحّي خلال موسم الحجّ برفع الوعي بالفيروس بين الحجّاج، مع التركيز على تذكير النّاس بما ينبغي القيام به إذا عادوا من المملكة العربية السعودية ثمّ شعروا بتوعّك. ما هو فيروس "كورونا"؟ فيروس (كورونا الشرق الأوسط) هو اختصار لفيروس (كورونا) المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفّسية، وهو سلالة خاصّة من عائلة (فيروس كورونا) التي تسبّب أمراضا تتراوح بين نزلات البرد المعتادة وأمراض الجهاز التنفّسي الأكثر خطورة، وهو يعتبر من أسرة المتلازمة الرئوية الحادّة الوخيمة (سارس) التي أودت بحياة أكثر من 700 شخص عندما ضربت آسيا في عامي 2002 و2003، وقد سُمي في بادئ الأمر (فيروس كورونا الجديد nCov). ما مدى انتشار الفيروس؟ لا أحد على يقين من ذلك، ربما لا يتمّ الإبلاغ عنه بشكل كاف لأن الأطبّاء يخطئون في تشخصيه على أنه نزلة برد معتادة، كما أن الأصحّاء قادرون على مكافحته والتخلّص منه. وفي الوقت الذي تأخذ فيه منظّمة الصحّة العالمية أمر هذا الفيروس على محمل الجدّ وتشكّل لجنة طوارئ لتتبّع تطوّره وتنسيق الاستجابة له لا يعتقد الخبراء أنه قد استوفى المعايير التي تشكّل طارئة صحّية عمومية تثير قلقا دوليا، كما أن منظّمة الصحّة العالمية لا تنصح بعدم السفر إلى أيّ بلدان أو بإجراء فحص خاص عند نقاط الدخول. إلى أيّ مدى يعتبر الفيروس مميتا؟ حتى الآن توفي 58 شخصا، وحيث أن نسبة الوفيات تجاوزت 40 بالمائة حتى الآن يعتبر معدل الوفيات بسبب الفيروس مرتفعا مقارنة بالسارس. لكن من الممكن أن يكون المصابون بالفيروس قادرين على مكافحة الأعراض والتغلّب عليها، وبالتالي لم يبلّغوا عنها. وعلى هذا النّحو تمّ تحديد الحالات الأكثر خطورة فقط، أمّا كبار السنّ أو أولئك المصابون بأمراض كامنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم فهم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس (كورونا الشرق الأوسط)، وهذا هو أحد التفسيرات لارتفاع معدل الوفيات بين المصابين بالفيروس. ما هو علاجه؟ لا يوجد لقاح متوفّر حاليا، ويعتمد العلاج على حالة المريض السريرية وسينطوي على توفير عناية طبّية عامّة لدعم الحالة، أمّا في الحالات المتأخّرة فقد وُضع المرضى في وحدات الرعاية المركّزة لدعم عملية التنفس ووظائف الجسم الأخرى. كيف تحمي نفسك من "كورونا"؟ حتى نعرف المزيد عن مصدر فيروس (كورونا الشرق الأوسط) وكيفية انتشاره سيكون من الصعب إعطاء مشورة محدّدة بشأنه. توصي المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها باتّخاذ احتياطات النظافة العامّة، وتشمل هذه الاحتياطات: غسل اليدين بشكل متكرّر بالماء والصابون لمدّة 20 ثانية، وإذا لم يتوفّر الماء يمكن استخدام مطهّر لليد يكون الكحول مكوّنا أساسيا فيه، وتغطية الأنف والفم بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، وتجنّب لمس عينيك أو أنفك أو فمك بأيد غير مغسولة، وتجنّب الاتّصال الوثيق مثل القبلات، والاستخدام المشترك للأكواب وأواني الطعام مع المرضى، والتنظيف والتعقيم المتكرّر للأسطح التي يتمّ لمسها مثل لعب الأطفال ومقابض الأبواب.