أصل معنى العيد في اللغة من عود والعود هو الرجوع فهو يعود ويتكرر بالفرح كل عام، وسمي العيد لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان العائدة على عباده في كل عام منها الفطر بعد الصيام وصدقة الفطر وإتمام الحج بطواف الزيارة والأضحية وغيرها. وكذلك لكون العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور. مشروعية صلاة العيد: شرعت صلاة العيد في السنة الأولى من الهجرة، ودليله ما روي عن أنس رضي الله عنه قال (قدم النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال: قدمت عليكم ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله خيرا منهما؛ يوم النحر ويوم الفطر ). أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبغوي، صححه الألباني في صحيح سنن النسائي. وقد ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة العيد وأول صلاة صلاها هي عيد الفطر. أولا: من أحكام العيدين - حكم صلاة العيد: صلاة العيد سنة مؤكدة، فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والأجر العظيم والاقتداء بالنبي الكريم. وقت صلاة العيد: وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، وتجوز عند جواز صلاة النافلة. - النافلة قبل صلاة العيد: ولا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها، عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلّ قبلها ولا بعدها).. أخرجه الشيخان. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال (كان رسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً؛ فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين) أخرجه بن ماجه والحاكم في صحيحه وهذا إذا كانت الصلاة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس. - صفة صلاة العيد: قال عمر رضي الله عنه: صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة. والتكبير سبع في الركعة الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما) رواه البخاري ومسلم. تقديم الصلاة على الخطبة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلهم كانوا يُصلون قبل الخطبة) أخرجه البخاري. التكبير في الصلاة: يُكبّر في الأولى سبعاً دون تكبيرة الركوع، وفي الثانية خمساً دون تكبيرة النهوض، وجاء فيه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ثنتي عشرة تكبيرة: سبعاً في الأولى، وخمساً في الأخرى) أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وعن عائشة رضي الله عنها: (التكبير في الفطر والأضحى الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع) رواه أبو داود. وحكمها أنها سنة، ولا تبطل الصلاة بتركه عمداً ولا سهواً، ولا أعلم فيه خلافاً. لكن إن تركه عمداً، فقد تعمد ترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفاته خيرها. وإذا دخل المأموم مع الإمام وقد فاته بعض التكبيرات الزوائد فإنه يكبر مع الإمام ويمضي مع الإمام، ويسقط عنه ما فاته من التكبيرات. خطبة العيد خطبتان أم خطبة واحدة؟ ذهب عامة الفقهاء ولا يُعرَف لهم مخالف إلى أنّ خطبة العيد خطبتان، يفصل بينهما بجلوس. ولا يسعنا أن نخرج عن أقوالهم رحمة الله عليهم .كما لا يسعنا أن ننكر عن مَن أخذ بظاهر الروايات الصحيحة، وخطب خطبة واحدة. ويدل على هذا حديث جابر رضي اللَّه عنه: (أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم خرج يوم فطر أو أضحى، فخطب قائماً ثم قعد قعدة ثم قام) أخرجه ابن ماجه، وما رواه عامر بن سعد عن أبيه سعد: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلّى العيد بغير أذان ولا إقامة، وكان يخطب خطبتين قائمًا، فيفصل بينهما بجلسة ) أخرجه البزار. والآثار ذات الطرق الكثيرة والمروية عن بعض الصحابة والتابعين،من ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: (السنة أن يخطب الإمام في العيد خطبتين فيفصل بينهما بجلوس)، وخطبتا العيد أجرى عليهما عامة الفقهاء ما يجري على خطبتي الجمعة مع الإكثار من التكبير، وافتتاحهما به، والتعرض فيهما لما يحتاج إليه المسلمون من أحكام تلك المناسبة. فجمهور العلماء على أنها خطبتان، وهو قول الحنابلة والشافعية والمالكية الأحناف. وقيل يخطب خطبة واحدة كما يخطب في الكسوف، وهو قول طائفة، وله وجه جيد من النقل والنظر. ويلتزم المنقول من فعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن بعدهم من الأئمة الأربعة وأتباعهم، من أداء خطبتين عقب صلاة العيد يفصل بينهما بجلسة خفيفة وتفتتح الخطبة الثانية كالأولى بالتكبير. - حكم الآذان والإقامة: روى ابن عباس وجابر رضي الله عنهما قالا: (لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى) أخرجه البخاري ومسلم. وروى جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة) أخرجه مسلم، وأبو داود والترمذي. صلاة العيد في المصلى: والسنة أن تصلى صلاة العيد في المصلى لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يخرج إلى المصلى) رواه البخاري ومسلم ولأن الناس يكثرون في صلاة العيد، فإذا كان المسجد ضيقا تأذوا، وإن كان يوم مطر صلى في المسجد، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: (أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد) رواه أبوداود. قضاء صلاة العيد: إذا لم يعلموا بالعيد إلا بعد زوال الشمس صلوا من الغد، لحديث عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال: (غُمّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب في آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا يومهم، وأن يخرجوا غداً لعيدهم) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه البيهقي في السنن الكبرى والخطابي... وإذا أدرك الإمامَ في التشهد جلس معه، فإذا سلم قام فصلى ركعتين يأتي منهما بالتكبير. وإذا فاتته صلاة العيد مع الإمام: يقضيها ركعتين، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا عيدنا أهل الإسلام). وكان أنس رضي الله عنه إذا فاته العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد. - شهود النساء صلاة العيد: عن أم عطية رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُخرج الأبكار العواتق، ذوات الخدور والحُيَّض يوم العيد، فأما الحيَّض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، فقالت إحداهن: فإن لم يكن لإحدانا جلباب ؟ قال: ' فلتُعِرها أختها من جلابيبها) أخرجه الترمذي وابن خزيمة في صحيحه. ثانيا: سنن وآداب العيد أولاً: التكبير في العيد: يستحب للناس التكبير في ليلة العيد في مساجدهم ومنازلهم وطرقهم وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولعلكم تشكرون) البقرة: 185، وقد جاء فيه آثار كثيرة جداً عن الصحابة والتابعين. - صفة التكبير: عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يكبر أيام التشريق: ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد). مصنف ابن أبي شيبة. وعنه أيضا:( الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ، الله أكبر ولله الحمد ).رواه المحاملي. مختلف صيغ التكبير: الأول: الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد . الثاني: الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . لا إله إلا الله، الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر ..ولله الحمد . الثالث: الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد. ثانياً: الغسل والتجمل في العيد: يستحب الغسل والتطيب في العيد ولبس أجمل الثياب، فعن الحسن السبط رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين، أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأثمن ما نجد) رواه الحاكم، وعن جابر رضي الله عنه قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها في العيدين) رواه بن خزيمة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمّل بها للعيد والوفود ... ) أخرجه البخاري ومسلم. قال ابن قدامة: وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهوراً. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يلبس في العيد أحسن ثيابه. وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد. وفي الغسل ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى. وصح عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قال: سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج. ثالثاً: الأكل قبل عيد الفطر وتأخيره في عيد الأضحى: يسن أكل تمرات وتراً، قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر، وتأخير ذلك في عيد الأضحى حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته، إن كان له أضحية. قال أنس بن مالك رضي الله عنه : (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) وفي رواية: (ويأكلهن وتراً) أخرجه البخاري وابن ماجه وابن خزيمة. وفي لفظ آخر قال أنس رضي الله عنه: (ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً) أخرجه ابن حبان، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. رابعاً: التبكير في الخروج للعيد: قال الله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ) المائدة: 48 . والعيد من أعظم الخيرات، وقد دلت النصوص على فضيلة التبكير إلى الجماعات والجمعات، والدنو من الإمام، وفضيلة الصف الأول؛ والعيد يدخل في ذلك. خامساً: الخروج ماشيا إلى المصلى: حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (كان يخرج أي النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد ماشيا، ويرجع ماشيا) رواه ابن ماجه وهو في صحيح الجامع. وعن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشيا، ويرجع في غير الطريق الذي ابتدأ فيه) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه. وقال ابن المنذر: المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع ولا شيء على من ركب. سادساً: مخالفة الطريق: وهو أمر مستحب كما رأى أكثر أهل العلم سواء كان إماماً أو مأموماًُ .روى جابر رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) اخرجه البخاري]. وفعله صلى الله عليه وسلم تلمّس له العلماء حِكَماً عديدة منها: - لإظهار شعائر الإسلام .- ليشهد له الطريقان .- لإظهار ذكر الله تعالى - لإغاظة المنافقين واليهود .- السلام على أهل الطريقين .- ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء - أو الصدقة .- أو ليصل رحمه. سابعاً: التهنئة بالعيد ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض:(تقبل الله منا ومنكم) أو (عيد مبارك) وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة، وصيغة التهنئة بالعيد تكون حسب عرف أهل البلد ما لم تكن بلفظٍ محرم أو فيه تشبه بالكفار. أ- عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض (تقبّل الله منا ومنك). ثامناً: الفرح واللهو واللعب المباحين في العيد وذلك من شعائر هذا الدين في العيدين وهي من باب الترويح عن النفس والأهل والأولاد والأحباب .. روت عائشة رضي الله عنها: (دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي؟! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (دعهما) فلما غفل غمزتهما فخرجتا) أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية مسلم: (تغنيان بدف). وعن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ (لتعلم يهود المدينة أن في ديننا فسحة: إني بعثت بحنيفية سمحة). وعنها أيضا رضي الله عنها: (جاء السودان يلعبون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فدعاني فكنت أطلع إليهم من فوق عاتقه فما زلت أنظر إليهم حتى كنت أنا التي انصرفت) سنن النسائي وصححه الألباني. * إمام مسجد عرفات بن عكنون الجزائر