الأنترنت والنقال في خدمة المفسدين بداية من شهر ديسبمر القادم، من المفترض أن يصبح بمقدور الجزائري أن يجري مكالمات هاتفية بالصوت والصورة المتحركة، بعد اعتماد تقنية الجيل الثالث، وبقدر ما يبدو الأمر إيجابيا جدا بالنظر إلى المزايا الكبيرة التي توفرها هذه التقنية، بقدر ما يثير مخاوف جدية تخص الجوانب الأخلاقية، حيث لا يُستبعد أن يستغل ضعاف النفوس والمنحرفون والفاسدون والمفسدون (الجيل الثالث) لتلبية مآرب دنيئة وتحقيق رغبات مقيتة، ونشر الفاحشة والرذيلة، وكأن ما يحصل من مآس لا يكفي.. التكنولوجيا تحولت في الآونة الأخيرة إلى وسيلة للفساد والإفساد، وتعرض أخلاق الجزائريين إلى حرب تكنولجية حقيقية، حيث لا يتردد كثير من المنحرفين في استغلال أحدث التقنيات لإشباع نزواتهم والإيقاع بضحاياهم، خصوصا من الأطفال والقصر الذين صاروا فرائس سهلة لمحترفي (الانحراف التكنولوجي)، سواء عبر الهاتف أو باستخدام الأنترنت. وإضافة إلى استخدامها في التزوير، والنصب والاحتيال، تحولت التكنولوجيا إلى أسهل وسيلة لإشباع الرغبات الحيوانية، والتخطيط للإيقاع بالمراهقين والمراهقات، والأرقام التي تقدمها مصالح الأمن، بين الفينة والأخرى، بهذا الخصوص، خير دليل على ذلك، وما خفي أعظم.. الأرقام تتحدث.. مصالح مكافحة الجريمة المعلوماتية التابعة للأمن الوطني عالجت 64 قضية انحراف مرتبطة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال تورط فيها (صغار). وأوضح بيان نشرته المديرية العامة للأمن الوطني مؤخرا أن (59 فتاة و14 ولدا راحوا ضحية أعمال إجرامية عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال) وذكر كمثال عن هذه الأعمال (الفعل المخل بالحياء وتحريض أحداث على الرذيلة واختطاف القصر والمساس بالحياة الخاصة). وأشارت المديرية العامة للأمن الوطني أنه غالبا ما تجري التحقيقات القائمة في هذا السياق الفرق المختصة في حماية الطفولة التابعة لمصالح الشرطة القضائية بمساعدة الفروع المختصة في مكافحة الجريمة المعلوماتية ودعم أقسام الأدلة الرقمية التابعة لمخابر الشرطة العملية والتقنية. وتمت الإشارة إلى أن (هذه المصالح نفذت خلال سنتي 2012 و2013 فقط ما لا يقل عن 18 خبرة في مجال علم الإجرام متعلقة بتحليل حاسوبين و7 حواسيب محمولة و10 هواتف نقالة و9 بطاقة ذاكرة ودعائم رقمية أخرى). وحسب المديرية العامة للأمن الوطني فإن الشباب (يلجؤون في أغلب الأحيان لوسائل الاتصال هاته التي أصبحت في المتناول من أجل ارتكاب أعمال غير أخلاقية بل وحتى أعمال إجرامية). وفي السياق نفسه، شهدت الجزائر 43 قضية تخص الجريمة الإلكترونية خلال السداسي الأول من هذه السنة 2013 حسب ما أعلنه السيد عبد القادر قارة بوهذبة مدير الشرطة القضائية، مشيرا إلى أن هذه القضايا هي في ارتفاع مقارنة بالسنوات السابقة. لا تتركوا الأمن يقاوم "وحده"! ويعود الفضل في اكتشاف هذه الزيادة في الجرائم الإلكترونية المرتكبة حسب المسؤول نفسه إلى الخلايا المتخصصة في مكافحة الجريمة الإلكترونية التي أنشئت هذه السنة على مستوى كل مديريات الأمن الولائي ومصالح الشرطة القضائية والتي تتوفر على جميع الإمكانيات اللازمة لمكافحة هذه الآفة. كما أبرز السيد قارة بوهذبة الذي يعد أيضا عضوا في اللجنة التنفيذية للأنتربول أنه قبل وضع هذه التدابير تم إحصاء 12 قضية تتعلق بالجريمة الإلكترونية في عام 2011 و47 أخرى في السنة الموالية. وقال: (لقد تطورت هذه الجريمة الافتراضية كثيرا مثلها مثل وسائل المكافحة. ونتوفر اليوم على أعوان شرطة متخصصن في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية والذين تلقوا تكوينا عالي المستوى مع تزويدهم بوسائل جد متطورة لمواجهة هذه الآفة وملاحقة المتورطين فيها). وللأسف الشديد، يبدو الأمن الوطني، بمختلف أجهزته، (يقاوم) لوحده الإجرام الإلكتروني، حيث لا تلعب باقي مؤسسات المجتمع الأخرى الدور المطلوب منها في هذا المجال، وإذا ما استثنينا بعض الحملات التحسيسية التي تقوم بها بعض الجمعيات والتنظيمات، يطغى الجانب الأمني في مواجهة استخدام التكنولوجيا لأغراض إجرامية وغير أخلاقية، بينما المطلوب تعاون كل المؤسسات الفاعلة اجتماعيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وخاصة الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام. أنقذوا أبناءكم من "غول التكنولوجيا"! قبل أيام قليلة، أقدمت مراهقة من ولاية فلوريدا الأمريكية على الانتحار نتيجة الفراغ الروحي بعد تعرضها للإزعاج على مدى أكثر من سنة من خلال رسائل على هاتفها، وفتحت الشرطة تحقيقا حول احتمال تورط 15 تلميذة مدرسة في هذه الجريمة، بحسب ما أوردته صحيفة (نيويورك تايمز). وقتلت ريبيكا سيدويك، البالغة من العمر 12 عاما، نفسها على الطريق المؤدي إلى مدرستها، رامية بنفسها من أحد طوابق مصنع قديم في ليكلاند بالقرب من تامبا. وكانت قد تركت هاتفها في غرفتها وودعت صديقتين لها برسالتين عبر تطبيق (كيك مسنجر) وقعتهما بعبارة (هذه الفتاة الميتة). وعثرت الشرطة في هاتفها المحمول على رسائل إلكترونية مروعة جاء فيها (هلا تموتين من فضلك؟)، و(أنت قبيحة جدا) و(لماذا لا تزالين على قيد الحياة؟). وقال المختصون إن حادثة الانتحار هذه تشير إلى بروز ظاهرة جديدة لدى الشبان والمراهقين والأطفال الذين يتعرضون للإزعاج باستخدام التكنولوجيا من خلال رسائل أو صور. ومما لا شك فيه أن أبناءنا عرضة لمثل هذه المخاطر بشدة، خصوصا في ظل تنامي النزعة الإجرامية لدى عدد كبير من الشباب والمنحرفين الذين لا يترددون في إلحاق الأذى بغيرهم دون رادع أو وازع، وهو ما يحتم على الأولياء اليقظة ومتابعة أبنائهم باستمرار لحمايتهم من سوء استخدام التكنولوجيا من جهة، وإنقاذهم من أيادي الفساد والإفساد. الله يستر من الجيل الثالث اقترب (حلم) الجيل الثالث للنقال من التجسيد، بعد أن قامت سلطة الضبط للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية، أخيرا بفتح أظرفة عروض المتعاملين الثلاثة للهاتف النقال بالجزائر بغية استغلال الشبكات العمومية للاتصالات السلكية واللاسلكية للهاتف النقال من الجيل الثالث. وقد تم قبول ملفات العروض التي قدمها متعاملو الهاتف النقال الثلاثة: اتصالات الجزائر(موبيليس) والوطنية للاتصالات الجزائر(نجمة) وأوراسكوم تيليكوم الجزائر(جازي) من حيث الشكل بعد دراستها خلال جلسة علنية من قبل اللجنة المنصبة لهذا الغرض من قبل سلطة الضبط. وأشار رئيس اللجنة السيد صالح محقون إلى أن دراسة ملفات العروض من حيث المضمون ستتواصل على مستوى اللجنة ومن المقرر الإعلان عن النتائج النهائية يوم 15 أكتوبر 2013، مضيفا: (سنقوم يوم 15 أكتوبر بالإعلان عن الفائزين المؤقتين ثم سيتم القيام بإجراءات أخرى كالدفع لتسليم الرخص بصفة نهائية)، مذكرا أنه ابتداء من 1 ديسمبر سيتم عرض المنتوج في السوق. وإذا كان (الجيل الثالث) للنقال حلم حقيقي طال انتظاره، فإن الخوف، كل الخوف، أن يتحول الحلم إلى كابوس، ذلك أن النعم حين يُساء استخدامها تتحول إلى نقم، والمزايا الباهرة للتقنية قد تصبح وسائل خبيثة بين أيدي الخبثاء الذين يتربصون بشباب وأطفال الجزائر، ويكفي أن يعلم الوالدان أن عرض ابنتهما قد يكون عرضة للانتهاك بمجرد مكالمة هاتفية بالصوت والفيديو، ليدركا حجم الخطر الذي يتربص بها.. فلتدركوا أبناءكم قبل أن يجرفهم طوفان (الجيل الثالث) حين يقع بأيدي الفاسدين والمفسدين.