أثارت حماقات نظام المخزن المغربي غضب وفي نفس الوقت شفقة عدد كبير من الجزائريين الذين تأسّفوا كثيرا لانزلاق الحماقات المخزنية إلى حدّ إباحة الاعتداء على قنصلية الجزائر بالدار البيضاء، وفي الوقت نفسه عبّروا عن شفقتهم على بؤس نظام محمد السادس الذي لم يجد وسيلة يلهي بها شعبه المغبون غير إثارة حرب غير متكافئة تماما مع جاره الجزائر. الطبقة السياسية الجزائرية أبرزت أهمّية دورالجزائر الثابت في دعم الشعوب في تقرير مصيرها، مستنكرة الحملة الإعلامية التي يشنّها المغرب وكذا تدنيس العلم الجزائري، وهو ما ركّز عليه الأمين العام بالنيابة للتجمّع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح خلال لقاء تحضيري للمؤتمر القادم. وفي كلمته أمام مناضلي وإطارات الحزب لولايات الوسط ندّد بن صالح بالاعتداء الذي تعرّضت له قنصلية الجزائر بالدار البيضاء وتمزيق العلم الوطني (في ذكرى أوّل نوفمبر 1954، والتي يدرك المغاربة قيمتها عند كلّ الجزائريين). وأوضح بن صالح أن مضرّة كبيرة قد تلحق بالمنطقة ككل جرّاء التصرّفات غير المحسوبة، داعيا المغرب إلى التفكير جيّدا ومراجعة الحسابات وأكّد على ضرورة ترشيح العقل والرصانة لمعالجة المشاكل كما هو الشأن بالنّسبة للجزائر التي عملت دوما وباستمرار على تهدئة الأمور. من جهته، استنكرالأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني ما حدث وأكّد حرص الجزائر على حسن الجوارو مصلحة الشعبين. وبدوره، أكّد الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي أن موقف الجزائر ثابت اتجاه القضية الصحراوية من منطلق رفضها للاستعمار وانتهاكات حقوق الإنسان. الأمين الوطني لحزب التجديد زيدان عبد العزيز من جهته دعا إلى وحدة المغرب العربي، مؤكّدا أن قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار وليست قضية الجزائر. وفي هذا السياق، استنكر حزب الشباب الديمقراطي ما تعرّضت له قنصلية الجزائر بالدار البيضاء المغربية، معتبرا الأمر انتهاكا واضحا للمواثيق والمعاهدات الدولية. وأكّد رئيس النقابة الوطنية للقضاة جمال العيدوني لدى نزوله ضيفا أمس السبت على برنامج (إضاءات) للقناة الإذاعية الأولى أحقّية القضية الصحراوية وفقا للقوانين الدولية. من جانبه، طالب الحزب الوطني الجزائري الذي يترأسه يوسف حميدي السلطات المغربية بتقديم اعتذارا رسميا بخصوص الاعتداء على (علم وطننا الغالي ومحاكمة مدبّرين وفاعلين هذه الجريمة)، وأشاد الحزب بدور الجيش الوطني الشعبي في حماية الوطن من تبعات ما يسمّى ب (الربيع العربي)، وأكّد أن الجزائر لن تسمح لأيّ قوة فوق الأرض بأن تسلبها أمنها واستقرارها أو تحاول المس أو النيل من أمنها. وفي ردّ عنيف على تصريحات الأمين العام للحزب المستقبل المغربي، والتي تطاول فيها على الجزائر وشعبها، قال الحزب الوطني الجزائري: (قبل أن تتطاولوا على الجزائريين يجب أن تحرّروا أنفسكم، فشهداء الجزائر وأحفادهم يظلّون أشقّاء للشعب المغربي)، ووصف التصريحات في (بيان الفاتح نوفمبر 2013)، والذي تحصّلت (أخبار اليوم) على نسخة منه، ب (الصبيانية واللاّ مسؤولة)، وجاءت قصد زرع الفتنة بين البلدين. ومن جانبها، أكّدت حركة النهضة أنها تتابع بأسف شديد استفزازات النّظام المغربي باستدعاء سفيره بالجزائر وما رافقه من تحريض إعلامي وسياسي كانت له نتيجة محزنة بتدنيس العلم الجزائري في ذكرى أوّل نوفمبر المجيدة والحركة، إذ تدين هذه السلوكات غير المبرّرة. وحمّلت الحركة في بيان لها تحوز (أخبار اليوم) على نسخة منه، السلطات المغربية كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية بالسّماح بتدنيس العلم الجزائري والاعتداءات على القنصلية العامّة الجزائرية بدار البيضاء بعد تحريض إعلامي وسياسي من قِبل النّظام المغربي. الجزائر تدين انتهاك قنصليتها بالدار البيضاء أكّد النّاطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني أن الجزائر تدين الفعل (الصارخ) لانتهاك مكاتب قنصليتها العامّة بالدار البيضاء يوم الجمعة من طرف شخص كان ضمن مجموعة من المتظاهرين يرفعون شعارات معادية للجزائر ولمسؤوليها السامين. وأوضح السيّد بلاني (أن هذا الشخص الذي تسنّى له نزع العلم الوطني من عموده لم يتمّ توقيفه إلاّ بعد ارتكابه لفعله من قِبل الشرطة التي يبدو أن حماية مكاتب وموظّفي القنصلية الجزائرية لا تعدّ من مهامها ذات الاهمية القصوى)، وأشار (باستياء إلى أن العلم الوطني تعرّض للتدنيس في هذا اليوم المقدّس المصادف للفاتح من نوفمبر الذي يرمز إلى وحدة الشعوب المغاربية إبان حرب التحرير الوطني)، مضيفا أن (الجزائر تأمل في أن لا يتكرّر مثل هذا الفعل الخطير مستقبلا). وأكّد السيّد بلاني في هذا الشأن (إن هذا الفعل الخطير ما كان ليرتكب لولا هذا الهيجان من الحقد والتهجّم الذي تؤجّجه أطراف من الطبقة السياسية والصحافة المغربية في وسط المواطنين المغربيين ضد الجزائر). وأضاف السيّد بلاني (إن وزارة الشؤون الخارجية تؤكّد المسؤولية التي تقع على عاتق البلد المضيف في حماية الموظّفين والمكاتب الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية بموجب القانون الدولي). وأشار النّاطق باسم وزارة الشؤون الخارجية (و في هذا السياق تمّ استدعاء المكلّف بالأعمال للمملكة المغربية مساء الجمعة بمقر وزارة الشؤون الخارجية حيث تمت مطالبته بتقديم توضيحات مفصلة) في هذا الشأن.