سيدي الشيخ بعد الانتهاء من وقفة عرفة وأثناء الرجوع منها وقع نظري على وجه فتاة معنا في الحملة واتبعت النظرة الأولى بعدة نظرات ثم تداركت نفسي وندمت على فعلتي. السؤال: هل أفسد فعلي هذا حجي؟ حيث يقول الرسول (ص) من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. فهل ما زال هذا الحديث ينطبق علي أم لا؟ هل يتوجب علي دم أو صدقة لتكفير ذنبي؟ وشكرا لكم. أجاب عنه: الشيخ محمد الفحام في البداية أيها الأخ الكريم ؛ فإني أسأل الله تعالى أن يجعل حجك مبرورا وسعيك مشكورا، وذنبك مغفورا وتجارتك لن تبور، وأن يمُنَّ عليك بالعَوْد الحميد والأمر الرشيد وبعد، فإني أحمد الله إليك أنك ندِمتَ ندَما يُترجم أَوْبَتَكَ وإنابتَك قال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ)./الزمر/، وقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)./الزمر53/ وقال صلى الله عليه وسلم:(الندم توبة) أجل، قد كنتَ في طهارة زاكية خالية من شائبة العمل وأنت مُتَلَبِّسٌ بإحرامك في أطهر بقعة في أشرف وقت في أفضل يوم وقد تبت من ذنوب خلت ورب العزة ينادي عباده من أهل الموقف لحظاتِ نفرتهم للمشعر الحرام (أفيضوا عبادي مغفورا لكم) فمِن غير أدنى شك أن ربي واسع المغرة غفار الذنوب ستار العيوب، فظني بربي أن يقيلَ عثرتك بصدق إنابتك ويسترك ولايردَّ عليك حجك، ففي الصحيح (أذنب عبدي ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال أي ربِّ اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب قد غفرت لعبدي فليفعل ماشاء). أي إنه مهما جاء ربه بذنوب فإن الصدق في التوبة والرجوع إليه فيها يقيل عثرته بمحوها وستره. لكنْ وصيتي لك أخ الإيمان بعد تلك البلية النفسية أن تستثمر عَوْدَكَ الحميد إلى ربك بعد عهد وبيعة سامية بين يدي خالقك سبحانه أن تستقيم على صراط الله القويم لاسيما وأنت حديث عهد بحج فإن أهل الله يقولون: من علامة قبول الحاج بعد حجه أن يرجع أفضل مما كان عليه قبل حجه بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم (رجع كيوم ولدته أمه). أي رجع إلى الله بفطرة سليمة تقتضي أن يغدو داعية إلى الله دلالة على سبيله القويم بنور الهدى وحكمة التنزيل. هذا، وأما من الجانب الفقهي فلا شيء عليك من دم أو غيره، اللهم إلا إذا أردت الصدقة مختاراً عملا بقوله سبحانه: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ). وقوله صلى الله عليه وسلم: (وأتبع السيئة الحسنة تمحُها) فهذا حسن. أسأل الله تعالى أن ينوِّرَ قلبك ويثبتك بقوله الثابت، ويعيذك من مخالفة شرعه في الأقوال والأفعال آمين. مع الرجاء بصالح الدعوات.