بعد أن بقيت فكرة تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود مادة للنقاش السياسي والإعلامي على مدى شهور، باتت هذه الدعوة مشروع قانون معروضا على لجنة في الكنيست لمناقشته رسميا. فبناء على طلب منظمة (قيادة يهودية) المتطرفة ناقشت اللجنة الداخلية في البرلمان الإسرائيلي (السماح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الأقصى المبارك). ووردت المقترحات الجديدة تحت عنوان (ترتيب نظم جديدة للمحافظة على جبل الهيكل كمكان مقدس)، ما يعني تغير الوضع القائم في الحرم القدسي لأول مرة. ويقضي المخطط المقترح السماح لليهود بممارسة طقوسهم الدينية في الناحية الشرقية من ساحات المسجد الأقصى، والدخول للساحات من كافة أبواب الحرم باستثناء يوم الجمعة وأعياد اليهود. وجاء في مشروع القانون أن تكون هذه النظم سارية المفعول داخل أسوار القدس وساحات المسجد الأقصى الذي عرف ب (المبنى القبلي المسقوف). ويسمح المشروع لليهود بالصلوات الفردية بصوت خافت، لمدة ساعتين في كل صباح وساعة واحدة بعد الظهر. وبخلاف الصلاة الفردية يسمح خلال الصلاة الجماعية باستخدام التوراة والكتب والأدوات المقدسة في أيام الإثنين، والخميس، والسبت وتخصص أوقات مضاعفة في الأعياد اليهودية. كما وضعت لافتات بثلاث لغات منها العبرية تشير ل(الهيكل) أو (المعبد) داخل ساحات المسجد الأقصى، تبين أن الدخول للمسلمين ممنوع إلا بموافقة المفوض الإسرائيلي المسؤول عن الحرم. وتنص التعليمات كذلك على الأعمال المحظورة داخل أسوار المسجد الأقصى ومنها، لباس غير محتشم، والنميمة، وإدخال الحيوانات إلا بإذن، ولعب بالكرة، وبناء أو ترميم مبنى قائم، والنوم، والاحتفالات وغيرها. وينص القانون المقترح على معاقبة المخالف بالسجن ستة أشهر، أو غرامة بقيمة نحو 15 ألف دولار. وفي سياق تبيان الأهداف في المقترح، يزعم المبادرون أن الهيكلين الأول والثاني موجودان في ساحات الأقصى، وأن هذه الإجراءات المقترحة مؤقتة إلى حين اعتراف العالم بحقوق الشعب اليهودي في المكان، وبناء الهيكل. وكشف الناطق بلسان مؤسسة الأقصى محمود أبو عطا أن السلطات الإسرائيلية في القدس تقوم باجتماعات مكثفة من أجل تحويل أجزاء من ساحة البراق لكنيس كبير وعلى حساب الآثار الأموية. يشار إلى أن نائبا من حزب (يش عتيد) يستعد الأسبوع القادم لطرح مبادرة في الكنيست بغية المصادقة عليها، وتقضي بإقامة مطهرة دينية في ساحة البراق. وشهدت جلسة الكنيست مواجهة ساخنة تصدى فيها النواب العرب للنواب اليهود المؤيدين للإجراءات المقترحة وتحويلها لقوانين نافذة. وشارك في الجلسة رئيسة لجنة الداخلية عضو الكنيست عن الليكود ميري ريجف ونائب وزير الأديان وقادة المستوطنين وجماعات الهيكل المزعوم. وأوضح إيلي بن دهان -نائب وزير الأديان، المعروف بتطرفه، في جلسة الكنيست- أنه لا توجد حتى الآن قوانين واضحة، بل مجرد فتاوى من حاخامات يجيزون الصلاة في باحات المسجد الأقصى، منبها إلى أنه سيعود ويطرح مشروع القانون بشكل نهائي بعد موافقة (الحاخامية الكبرى). يشار إلى أن مؤسسة الحاخامية الكبرى ما زالت تحظر صلاة اليهود في الحرم القدسي، لكن عددا متزايدا من الحاخامات يفتون بجوازها تحت ضغط الجمعيات الداعية لبناء الهيكل المزعوم. وخلال الجلسة قال النائب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة عفو اغبارية إن فلسطينيي الداخل سيدافعون عن مقدساتهم، من داخل الكنيست وخارجه. واتهم اغبارية نواب اليمين الإسرائيلي بمحاولة إشعال حريق كبير، وقال لهم (ليس لكم أي حق في دخول الأقصى). من جانبه ذكّر النائب عن القائمة العربية الموحدة أحمد طيبي خلال الجلسة بأن الانتفاضة الثانية نشبت نتيجة الاعتداء على الأقصى، محذرا من إشعال انتفاضة جديدة. يشار إلى أن رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين حذر في تصريحات صحفية مما أسماه (الانفجار الكبير) من جانب الفلسطينيين نتيجة استمرار الاستيطان واعتداءات المستوطنين. وقال عضو الكنيست طلب أبو عرار الذي شارك في الجلسة أن (المبادرة المجنونة) والمدعومة من قبل نواب يمينيين تنذر بالشر، ويتوقع أن تطرح مجددا في محاولة لمنحها الشرعية القانونية. ونبه إلى أن تقديم مقترحات لتقاسم الأقصى تهدف -وفق خطة منهجية- للتمهيد وتهيئة العالم لنظام جديد يفرض في منطقة الحرم القدسي الشريف وسط استغلال انشغال العرب بقضاياهم الداخلية. ويتوافق ما ذكره أبو عرار مع ما أكدته دراسة لجمعية (عير عميم) الإسرائيلية في الصيف الماضي بأن 27 جمعية يهودية تنشط لبناء الهيكل الثالث بخطة مدروسة، تبدأ ب(تأليف القلوب) وتهيئة الرأي العام.