أرجأت أمس محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء العاصمة لرابع مرّة مناقشة وقائع الاعتداء الإجرامي الذي استهدف مركز بريد حي 05 جويلية ببلدية باب الزوار المتابع فيه القابض (س.ش)، حيث نسب إليه نسج سيناريو مفبرك لعملية سطو بسلاح ناري مكّنته من الاستيلاء على مبلغ فاق مليار سنتيم. ملف القضية يعود إلى تاريخ 25 ديسمبر 2010، عندما تعرّض مركز البريد لسطو مسلّح من طرف شخص كان يرتدي الزي النّظامي للشرطة من أجل التمويه عندما طرق الباب الخلفي للمركز طالبا من القابض الذي كان وحده أن يفتح له الباب بحجّة أنه جاء مكلّفا بمهمّة لتفتيش ومراقبة أوراق مالية مزوّرة تكون قد دخلت المركز البريدي، غير أن القابض وبعد تردّد لم يجد من سبيل أمامه إلاّ الاتّصال هاتفيا بزميله المفتش في المركز نفسه ليخبره بأن الشرطة أمام الباب، وأنها جاءت بغرض إتمام مهمّة التفتيش. وبعد فتح باب المركز أمام المعتدي الذي استغلّ الأمر ليدفع بالمفتش والقابض إلى الداخل قام هذا الأخير بمقاومته، ما جعل المعتدي لا يتردّد في إشهار المسدس في وجهه وإمطاره برصاصتين استقرّت الأولى في بطنه والثانية في أعلى فخذه، وهو ما أحدث حالة من الهلع والإرباك عند المفتش الذي ناشد المجرم ألاّ يطلق عليه النّار وهو يرى زميله ممدّدا على الأرض غارقا في بركة من الدماء، ممّا اضطرّه أمام التهديد بالسلاح إلى فتح الخزينة التي استولى المجرم على ما فيها من أموال، قبل أن يلوذ بالفرار بمساعدة سائق كان ينتظره في الخارج على متن سيّارة من نوع (بوجو) وانطلقا إلى وجهة مجهولة. وهذا السيناريو هو الذي أدلى به القابض المتّهم عبر مراحل التحقيق. غير أن التحرّيات المكثّفة لمصالح الشرطة القضائية توصّلت إلى توجيه الاتّهام للقابض الرئيسي بعد أن تبيّن أن سيناريو الاعتداء والسطو من طرف عصابة مسلّحة بأسلحة كلاشينكوف وإطلاق النّار على قابض بمكتب البريد للاستيلاء على المال (مفبرك)، وأن الجريمة نسجت خيوطها بتخطيط محكم من طرف القابض الرئيسي، حيث لم تتمكّن مصالح الأمن خلال التحرّيات التي أجرتها مباشرة بعد وقوع الجريمة من تأكيد الهجوم المسلّح على مركز البريد بباب الزوار من طرف عصابة غير محدّدة العدد وبرهان الوقائع المصرّح بها من طرف المشتبه فيهما. وكشفت التحرّيات من خلال نقل البصمات وأثار الجريمة عن غياب دليل مادي يشير إلى وقوع اعتداء مسلّح حقيقي، كما ذكر ذات المصدر أن مصالح الأمن عثرت خلال نقل البصمات على رصاصة ادّعى المتّهم في الجريمة أنها كانت دليل الاعتداء المسلّح، غير أن الخبرة أثبتت أن الرصاصة غير مستعملة، اشتبه في أن يكون المشتبه فيه تركها في المكان لتضليل التحقيق والتلاعب في الوقائع الحقيقية. وعن إطلاق النّار الذي تعرّض له القابض الذي أدخله المستشفى أكّد الفحص الطبّي أن القابض ضرب بحاسبة وحدّد المبلغ المسلوب بمليار و120 مليون سنتيم، وأضاف أن القابض كان يدّعي أثناء حضوره للتحقيق عجزه عن الحركة، فيما أنه كان يتحرّك في الواقع بشكل طبيعي.