الكثير من الشباب والمراهقين، بل حتى الكهول يمضون أوقاتهم في ممارسة الرياضة، ولعب مباريات كرة القدم في الأحياء، وعلى عكس كما يمكن تصوره، فان تلك المباريات قد تكون في إطار منظم، إذ يؤطرها أبناء الحي الواحد او بين أحياء مختلفة. اشتهرت بعض الأحياء بالمباريات التي ينظمها سكانها فيما بينهم، ودون أيّ مساهمة او تدخل من مؤسسات رسمية تجدهم ينظمون مسابقات ومنافسات جميلة، ويؤطرونها بشكل احترافي، ويضعون لها شروطا بل وجوائز يتحصل عليها الفائز في النهاية، وهو الأمر الذي يشجع الفرق على اللعب، وعلى التنافس لنيل الجائزة، والتي تكون رمزية وعادة عبارة عن ملابس او حتى أكلات يدفعها الخاسر للفائز او مبلغا ماليا بسيطا، لكن في كل الأحوال فان ذلك يجعل المتنافسين يسعون إلى الفوز، ويتهافتون على تلك المنافسات. أردنا التقرب أكثر من يوميات هؤلاء المراهقين، وكيفية تحضيرهم لتلك المباريات، وكانت البداية من ببوزريعة، ومع يونس الذي اعتاد تنظيم مثل تلك المباريات، يقول لنا في هذا الصدد:" كلّ سنة، او بالأحرى من حين لآخر ننظم مباريات بين الأحياء، يشارك فيها بطبيعة الحال لاعبون مهرة، قد نُُشرك أربع او ست او حتى ثمان أحياء او ربما أكثر في هذه المنافسات، أمّا الجائزة تكون هدية رمزية نسعى من خلالها على حث المشاركين على التنافس الشريف، فتكون مبلغا بسيطا لا يتعدى العشرة آلاف دينار، لكن يتم جمعه من كلّ المشاركين، كل واحد فيهم يدفع مائة دينار، او خمسون او أكثر او اقل، فهذا يرتبط بعدد الفرق المشاركة، وأقوم أنا بالتنظيم، ذلك أنني اعرف تقريبا اغلب اللاعبين، واستطيع التفاهم بسهولة مع الجميع، خاصة وان تنظيم مباريات مثل هذه تحتاج إلى شخص يكون على معرفة بأحوال الأشخاص الذين يتعامل معهم، منهم من يعمل وآخر يدرس والوقت لا يكون واحدا لدى الجميع، لهذا أحاول التقريب بين الجميع، حتى نتفق" وعن الملاعب، او الأماكن التي يجري فيها هؤلاء المباريات، يضيف يونس:" في الحقيقة لا نملك ملاعب بأتم معنى الكلمة، لكن هناك مساحات تصلح لأن نقيم فيها مبارياتنا، خاصّة وأنّ كلّ الأحياء او اغلبها تلعب معنا، أي أننا لن نجد مشكلا في الحصول عليها، وهي ملاعب "كارنوا" و"فريفالون" الى "سقوطو" وتريولي" وغيرها، كلها صارت ملاعب تخدمنا". وفي الشراقة يقول لنا سيد علي، 18 سنة، الذي يساعد هو الآخر على تنظيم تلك المباريات، ولكنه يلعب أيضا مع أبناء حيه، يقول أنّ تلك المنافسات هي المفر الوحيد من الفراغ الرهيب الذي يعانيه الشباب والمراهقون في الأحياء الشعبية، وهي تساعد على أن لا يتجهوا إلى المخدرات او أشياء تضر بهم، لهذا فانه، وقليل من عقلاء حيه، يحاولون ألاّ يميتوا هذه العادة، وان ينظموا ما استطاعوا من مسابقات، وكذلك أن يزيدوا في ثمن الجوائز التي يتحصل عليها الفائز، وذلك حتى تتحوّل المسابقة إلى موعد كروي هام، على الأقل في المنطقة، ويتعلق بها الجميع، ويضيف سيدعلي حول نقائص مثل هذه المنافسات:" البعض لا يحترم قوانين المسابقة، ولا الخسارة، فيعمد إلى إثارة الفوضى والمشاكل، بل وقد ينجح في أن يجعلنا نوقفها، او يفرض علينا قانونه، حتى أننا وفي السنة الماضية تصارعنا مع الحي المجاور، لا لشيء إلاّ لأننا تفوقنا عليهم في المباراة النصف النهائية، وهو أمر مخجل، خاصة وان كبار الحي، والذين كان يفترض بهم أن ينقذوا الموقف، شاركوا بعدها في الشجار".