ندرة المتبرعين تضع المرضى في مواجهة الموت يحفظ كل مسلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) لأنها فطرة فينا، إلاّ أن أبواب الرحمة متعددة لم تختص بباب عن الآخر لتنوع أشكالها من محبة، مواساة، فعل الخير وغيرها من كل هذا وذاك. استوقفنا العديد من المرضى من يحتاجون لفصيلة الدم (O-) والتي لا يمكن تعويضها لهم وبخاصة من لهم ذات الفصيلة، هذه الأخيرة التي شح أصحابها الأصحاء في التبرع بها منهم من يتاجر بها لحاجته المادية أو لنقص ثقافة المواطن بالتبرع بالدم لمحتاجيه في أحيان أخرى، ويتفاخر بعض الجزائريين بالقول (أنا دمي دم الشهداء الجزائريين) إلا أن هذه الزمرة لا تجد من يتبرع بها إلاّ من استطاع إليها سبيلا.. استفسرنا عن ندرة الفصيلة (O-) في بنوك الدم بالمستشفيات واتجهنا إلى عيادة السعادة بديار السعادة في العاصمة فقالت لنا إحدى الممرضات: (نعاني جدا من نقص هذه الفصيلة وكذا من نقص متبرعيها، إلا أن والحمد لله عندنا بعض أرقام هواتف الحاملين لهذه المادة من يساعدوننا في أحلك الظروف والعمليات المستعصية والحالات الحرجة والمستعجلة إلا أن تبرعهم قليل جدا، ونسبة من يحملون هذه الزمرة لتلبية حاجة المرضى الذين يعانون العوز ل (O-) قليلة. وقد اتجهنا إلى مستشفى البويرة بعاصمة الولاية، حيث وجدنا أحد المرضى طريح الفراش لا يتجاوز 15 سنة ينتظر القلوب الرحيمة للتبرع له بزمرة (O-) لإجراء عملية جراحية على مستوى الساق إثر حادث أليم بمدينة تيكجدة، ونحن بالمستشفى صادفنا والدة هذا المريض فقالت: (بحثنا عن أشخاص في العاصمة يحملون هذه الزمرة إلاّ أنه هنالك من رفض ومنهم من أراد بيعنا دمه بسعر 3000 دج للكيس، وقلة هم أصحاب هذه الزمرة والأطباء يجبروننا على البحث عن متبرع لإجراء العملية لإبني).. وهذا وقد ذكرت لنا إحدى الموظفات بعيادة البرج المتواجدة بشرق العاصمة، (تدعمنا المستشفيات العمومية الكبرى كمصطفى باشا بأكياس الدم إن اقتضى الأمر بطلب خاص وليس لنا الحق بسحب ومنح الدم للمريض)، وللإشارة فأن هذه المادة النادرة ليس لها بدائل تعمل عملها مما يستلزم على كل من له هذه الفصيلة من الدم النظر بمنظار المحتاج لا بمنظار المتبرع، ولا بمنظار الطامع المستغل لظروف المرضى وعائلاتهم..