ارتبط في السنوات الأخيرة كثيرا تعامل الجزائريين مع محلات الإطعام السريع بسبب الظروف المحيطة بهم والتي تفرض عليهم تناول وجباتهم في تلك المحلات بسبب العمل أو الدراسة، فما إن تشير عقارب الساعة إلى منتصف النهار حتى يتلاحق الكل على تلك المواضع التي تكاد تنفجر في وقت الغذاء بسبب التوافد الكبير عليها وما يجهله الكل أنهم يقبلون على تناول السموم في تلك المحلات التي تعرض أطعمة مثقلة بالدسم والبهارات وحتى الأكلات المليئة بالسكريات مما يقضي على نظام أصحاب الحمية، إلى جانب ظروف أخرى على غرار غياب النظافة التي تبقى في خبر كان عبر تلك المحلات. نسيمة خباجة لازالت الظواهر المحيطة بمحلات الفاست فود لا تمت الصلة بشروط حفظ الصحة مما ينبىء بالخطر، إلا أننا نجد الارتباط الوثيق بها من مختلف الشرائح، فظروف العمل والدراسة وحياة السرعة ألقت بالكثيرين إلى التقوت من تلك المحلات التي تهمل الكثير منها شروط النظافة بل حتى الأطباق المعروضة لا تراعي شروط الصحة، ويوصي مختصون ذوي الأمراض المزمنة والحاملين لعوائق صحية بضرورة الابتعاد عنها، إلا أن العكس هو الحاصل، بحيث تحوّلت تلك المحال إلى بؤرة لانتشار الأمراض. "برارك" وعربات متنقلة لترويج السموم وأضحت حرفة الإطعام السريع حرفة من لا حرفة له وامتهنها الصغير والكبير وملأتها العشوائية من كل جانب، بحيث وبعد البيع العشوائي لمواد غذائية مختلفة كالبيض المسلوق والمحاجب والبينيي وجعلها كمصدر دخل من طرف البعض عبر الأرصفة ومحطات النقل ظهرت كذلك حاويات تخصصت في ذات النشاط، ودون أن ننسى بعض الأكشاك المتنقلة، بحيث تغيب عبرها شروط النظافة وأضحت تعرض السم للناس مادام أن الإقبال هو واسع وما أن تتضور معدة البعض من الجوع حتى يسارعون إلى أول موضع يعرض الأكل دون أي إشكال سواء كان محلا أو طاولة أو عربات متنقلة اختصت في ترويج الأطعمة غير الصحية وهي المشاهد التي يندى لها الجبين والتي صارت تنتشر بمختلف المقاطعات والأسواق الشعبية على غرار العاصمة، البليدة، بومرداس وغيرها ونجدها تنتشر أكثر بمحطات المسافرين بحكم أنها مناطق عبور للمتنقلين، بحيث يغتنم هؤلاء الباعة جوع العابرين بغرض بيعهم السموم وهو الموقف الذي وقفنا عليه بسوق باب الرحبة بالبليدة، ذلك السوق الذي يشهد توافدا عليه من طرف المواطنين من كل ناحية، الأمر الذي وسع من ظاهرة ترويج الأكل عبر السوق، وظهرت عربات لترويج مختلف الأطعمة السريعة من بيض ومحاجب وغيرها على الوافدين إلى هناك، ويكون الإقبال متفاوتا على تلك العربات لاسيما وأن بعض الأسعار المغرية أسالت لعاب البعض، بحيث أن شريحةالبيتزا لا تتعدى مبلغ 10 دنانير، وتفاجأنا بالإقبال الكبير عليها من طرف المتنقلين لملء بطونهم دون معرفة مصدر أو كيفية تحضير تلك الأكلات التي تحوم من حولها العديد من الشكوك، ناهيك عن عرضها في ظروف غير صحية ومناظر مشابهة تتكرر بسوق ساحة الشهداء التي تخصصت فيها عربات متنقلة في عرض مادة الزلابية والعصائر وغيرها من المواد الأخرى. محلات للموت السريع تحوّل مفهوم محلات الإطعام السريع إلى مصطلح الموت السريع كونها أضحت مصدر شؤم وبؤرة لحمل الكثير من الأمراض الخطيرة والتسممات الغذائية بسبب العشوائية التي صارت تميز تلك النشاطات التي تحوّلت إلى حرفة لمن لا حرفة له، كما أن الأخطاء الشائعة في استهلاك الجزائريين جعلتهم يقبلون على كل شيء يباع حتى ولو كان عرضه في غياب الشروط الصحية، وهو ما نراه متكررا عبر الأسواق ومختلف الأماكن التي صارت مقصد الكثيرين في تزودهم واستهلاكهم لبعض الأكلات، ورغم ثقافة البعض التي جعلتهم ينتقون انتقاء جيدا المحلات التي يتزودون منها بالأكل فإن آخرين إرادتهم طبعتها العشوائية، ففي لحظة الجوع لا يميزون بين موضع لائق وصحي لعرض الأطعمة وآخر غير صحي. اقتربنا من البعض منهم لرصد آرائهم كونهم المعنيين بما يعرض عبر تلك المحلات الموجهة إليهم بالدرجة الأولى فتباينت الآراء حول وضع تلك المحلات، إلا أن أغلبها فيها استياء من المظاهر المحيطة ببعض تلك المحلات منعدمة الشروط. السيدة فريدة موظفة قالت إنها في الكثير من المرات ظروف عملها تلزمها على الأكل خارج المنزل لكن تحتاط كثيرا قبل دخول محل الفاست فود، كون أن المظهر الخارجي من الممكن جدا أن يظهر الصورة الداخلية للمحل وتمتنع عن اقتناء الأطعمة من الطاولات والعربات المتنقلة التي تمارس النشاط بكل عشوائية، حتى أن طبيعة النشاط تفرض العديد من الشروط التي من غير الواجب إهمالها حفاظا على الصحة. أما مواطن آخر فقال إن بعض الجزائريين أضحى لا يهمهم سوى ملء بطونهم دون النظر في الشروط الصحية، الأمر الذي أدى إلى اكتساب الأمراض المزمنة وتعقيدات صحية تلازم الناس كأمراض المعدة والتسممات التي كثرت، وأرجعها إلى السموم المعروضة بتلك المحلات التي صارت تنشر الأمراض بين الناس بسبب عدم حفاظها على الشروط الصحية أو حتى على تقديم وجبات صحية والتي نراها مليئة بالدسم والملح أو السكر وغيرها، وأضاف أنه شخصيا لا يطأ كثيرا تلك المحلات وإن حدث فإن طلبه لن يخرج عن مقبلة خفيفة في العادة تكون خسا أخضرا مرفوقا بالطماطم وهي مواد صحية يمكن بها عدم أذية جسمه. لاسيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات حملوا شعار الربح ولا غيره ما يظهر من الأثمان المرتفعة في ترويج تلك السموم افتكاك حصة الأسد في المخالفات ما يظهر جليا أن مخالفات محلات الإطعام السريع عادة ما نجدها على رأس الترتيب في سلم المخالفات من خلال الدورات الروتينية التي تعقدها لجان الرقابة التابعة لوزارة التجارة والتي تركز في مهمتها على المحلات ذات الأنشطة الحساسة والمرتبطة مباشرة باستهلاك المواطنين، إذ وخلال السداسي الثاني من السنة الماضية باشرت مصالح الرقابة وقمع الغش 46528 تدخل أسفر عن تحرير10494 محضر، واقتراح غلق 620 محل وقدرت المحجوزات ب113طن و886 كلغ من المواد الغذائية المتنوعة بقيمة مالية وصلت إلى 28631908 دج، فيما قدر مبلغ الربح غير الشرعي ب300537 دج، وسجلت ذات المصالح 2215 تدخل، وتحرير 752 محضر واقتراح غلق 46 محل و113 إعذار. وكانت حصة الأسد من نصيب المطاعم ومحلات الأكل الخفيف ب668 تدخل وتحرير 201 محضر واقتراح غلق 16 محلا و46 إعذارا، ثم 520 تدخل بمحلات بيع المواد الغذائية والحليب ومشتقاته أسفرت عن تحرير 183 محضر واقتراح غلق 11محلا و30 إعذارا، و303 تدخل بالمخابز ومحلات الحلويات حررت بموجبها 113 محضر واقتراح غلق محلين و18 إعذارا و278 تدخل على مستوى القصابات ومحلات بيع اللحوم البيضاء حررت فيها 26 محضرا واقتراح غلق محل واحد و13 إعذارا، و170 تدخل يتعلق بقطاع بيع الخضر والفواكه حجزت على إثرها 50 محضرا، ووصل عدد التدخلات بالمقاهي وقاعات الشاي إلى 160 تدخل وتحرير 60 محضرا واقتراح غلق 16محلا، وأسفرت عمليات المراقبة عن حجز 1طن و586 كلغ من اللحوم الحمراء والبيضاء والمواد الغذائية بقيمة مالية قدرت ب61222 دج، مما يبرهن أن أهداف بعض التجار صارت تتمحور حول الربح دون أدنى اهتمام بحفظ الصحة العامة.