صدر للكاتب الأستاذ خميسي سعدي كتاب تحت عنوان(معتقل الجرف بالمسيلة أثناء الثورة التحريرية)، وهذا بدعم من وزارة الثقافة الجزائرية وفي إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر. وحسب الكاتب فإن مساهمة المعتقلين في ثورة التحرير الوطني كان على جانب كبير من الأهمية، هذه الأهمية لم تعكسها اليوم واقع الدراسات التاريخية في الجزائر، فهذا الموضوع ما يزال يحتاج إلى البحث والتنقيب، والأعمال الأكاديمية من رسائل الماجيستر والدكتوراه نادرة جدا، بالإضافة إلى أن المؤلفات العامة التي تناولت تاريخ الثورة تشير إلى المعتقلات والسجون بشكل عابر. ويعود السبب الرئيس في رغبة من الكاتب الأستاذ خميسي سعدي في التعريف بمعتقل الجرف التاريخي ودوره في ثورة التحرير الوطني، في أن الكثير من المهتمين بالتاريخ وكذلك المواطنين حينما يذكر أمامهم الجرف يخلطون بين معركة الجرف الشهيرة التي وقعت بمنطقة تبسة سنة 1955 ومنطقة الجرف بالمسيلة التي أقيم فيها المعتقل. وتهدف الدراسة المطروحة إلى التعريف بمعتقل الجرف كأحد أهم المعتقلات السياسية باعتباره المعتقل الوحيد على مستوى عمالة قسنطينة، وبيان دور المعتقلين في دعمهم للثورة ومساهمتهم فيها، رغم الضيق الذي كانوا فيه، وتوضيح كيف أن إدارة الاحتلال أرادت من هذا الاعتقال وقف التحاق المناضلين والمواطنين بالثورة، وكيف أصبحت العملية عكسية، إذ أصبح معتقل الجرف محضنا يتكون فيه الثوار ومنه تنظم عمليات الفرار للالتحاق بثورة التحرير. كما أن هذا الكتاب يأتي ضمن الجهود الرامية إلى تدوين تاريخ الثورة والذي يحتاج إلى دراسة وبحث وكتابة بتضافر الجهود، لإضافة لبنة للمدرسة التاريخية الجزائرية. وتعالج هذه الدراسة إشكالية مهمة تدخل في إطار التعريف بمعتقل الجرف ودور المعتقلين في ثورة التحرير الوطني، ومدى نجاحهم في إفشال مخططات المصالح الفرنسية العسكرية المهتمة بالحرب النفسية داخل المعتقلات، وتأطير المعتقلين وتوحيدهم تحت راية جبهة التحرير الوطني. تجدر الإشارة إلى أنه في مثل هذه المواضيع تقل وبشكل واضح الكتابات، وكذا الشهادات الموثقة للمعتقلين الأمر الذي يزيد من صعوبة الكتابة والتوثيق، حيث اعتمد الكاتب كما وضح ذلك على الشهادات الشفهية لبعض المعتقلين، مع ملاحظة أن جلهم تقدم في السن لدرجة صعوبة التصريح.