يا إِلَهي وَسَيِّدي إِنَّني لَكَ أَضرَعُ وَإِلى بابِكَ أَلجَأُ وَهوَ لِكُلّ مَفزَعُ أَحيِني لَكَ مُسلِماً مِنكَ أَخشى وَأَخضَعُ (الإله) هو المعبود بحق، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وهو المستحق وحده للعبادة دون سواه، وكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) تستبطن هذا المعنى وتقوم عليه، ففيها اثبات انفراده سبحانه بالألوهية، والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته، ورحمته وحكمته. ورد هذا الاسم العظيم (الإله) في مواضع كثيرة في القرآن والسنة مطلقًا ومقيدًا، ففي القرآن قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ). [الزخرف:84]، وقوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ). [المائدة:73]، وقوله: (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). [البقرة:133]، وقوله: (إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ). [الصفات:4]، وقوله: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ). [القرة:163]، وقوله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ). [الناس:1-3]. وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو مِنَ اللَّيْلِ "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، قَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ لِى غَيْرُكَ) (1). وبوب البخاري باب مَا يُذْكَرُ فِى الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ وَأَسَامِى اللَّهِ وَقَالَ خُبَيْبٌ وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ . فَذَكَرَ الذَّاتَ بِاسْمِهِ تَعَالَى ، وهو ينبه على قصة خبيب المشهورة، وأبياته التي قال فيها: وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِى وَذَلِكَ فِى ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ وقد دعا يونس عليه السلام ربه بهذا الاسم العظيم دعاء مسألة في قوله سبحانه: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). [الأنبياء:87] فذكر اسم الإله في دعائه وتضرعه لخالقه. وفي الترمذي عَنْ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِى النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِى بَطْنِ الْحُوتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ). وعند البخاري من حديث شَدَّاد بْن أَوْسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم (سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَي وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، اغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ). ومن دعاء الله بهذا الاسم مقيدًا ما رواه ابن ماجه عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ)، فَدَخَلَ عَلَى ابْنٍ لِعَمَّارٍ فَقَالَ: (اكْشِفِ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ إِلَهَ النَّاسْ). وفي صحيح مسلم عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ). أنا يا إِلهي عندَ بابكَ واقِفٌ لا أَبتَغي عنهُ الزَمانَ عُدولا عَظَّمتُ آمالي وَصَغَّرتُ الوَرى مَن ذا لَها إن لَم تَكُ المَأمولا إنّي لِيُعجِبني وُقوفي سائِلاً إن كنتَ أنتَ السَيِّدَ المَسئولا فالإله سبحانه هو جامع نعوت الكمال والجلال، فدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى ولذا كان المختار من القول أن الله أصله الإله، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى. فهو سبحانه إلهنا وربنا وملكنا لا مفزع لنا في الشدائد سواه ولا ملجأ لنا منه إلا إليه، ولا معبود لنا غيره، فلا ندعو ولا نخاف ولا نحب ولا نخضع إلا له سبحانه، فهو الإله الحق إله الناس، لا إله لهم سواه فمن كان ربهم وملكهم وإلههم فهم جديرون أن لا يستعينوا بغيره ولا يستنصروا بسواه ولا يلجأوا إلى غير حماه، فهو كافيهم وحسبهم وناصرهم ووليهم ومتولي أمورهم جميعًا بربوبيته وملكه وإلهيته لهم، فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل إلى ربه ومالكه وإلهه!! إِلهَ الخَلقِ يا رَباهُ يا مَن إِلَيهِ مُشتَكى بِثي وَحُزني وَيا ذا الفَضلِ يا جَم الأَيادي وَمِن إِحسانِهِ لِلعَبدِ يُغني وَمِن نُعماهُ لا تُحصى بِعَدٍّ وَمِن جَدواهُ في أُنسٍ وَحُسنِ إِلهي سَيِّدي مَولايَ حُلماً فَما لي غَيرُ حُلمِكَ مِن مُجَنِّ أَتَيتُكَ هارِباً مِن عِبءِ وِزري وَتَقصيري وَما قَد كُنتُ أَجني أَضَعتُ العُمرَ في قيلٍ وَقالِ وَأَرخيتُ العَنانَ بِكُلِّ فَنِّ إِذا استذكرت يَوماً سوءَ فِعلي عَضَضت أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي ومالي حيلة إلا اطراحي ببابك يا كريم وأنت ركني * عن موقع الإسلام اليوم -بتصرف-