أفرجت السلطات المحلية لولاية عنابة شهر أوت من سنة 2017 عن قوائم تضم قرابة سبعة آلاف مرشح للاستفادة من سكنات عمومية إيجارية ببلدية عنابة في حصة تعتبر الأكبر في تاريخ الولاية منذ الاستقلال. وليد هري وهو ما جعل الكثيرين يعلقون آمالا كبيرة عليها للقضاء على نسبة كبيرة من مشكل السكن الذي تعاني منه عاصمة الولاية، لكن الواقع يقول أنه ورغم الغربلة التي قامت بها السلطات المحلية على مدار عدة أشهر للقوائم المعلنة إلا أن الكثير من الأسماء استفادت رغم عدم أحقيتها بذلك وعدم حاجتها لسكن وهو الأمر الذي ظهرت نتائجه على أرض الواقع من خلال وجود العديد من السكنات الشاغرة في المدينة الجديدة «ذراع الريش» التي رحلت نحو أغلب العائلات المستفيدة في الوقت التي تنتظر أخرى ترحيلها رغم مرور قرابة السنة على بداية عملية الترحيل وذلك إما بسبب عدم انتهاء أشغال التهيئة الخارجية أو لعدم ربط المساكن بشبكة الكهرباء والغاز أو الماء، حيث توجهت «آخر ساعة» في عطلة الأسبوع إلى المدينة الجديدة ووقفت على تواجد العديد من السيارات الفارهة التي سعر بعضها قد يناهز سعر شقة في عاصمة الولاية في العديد من المواقف المخصصة للسيارات في الأماكن التي أنجزت فيها سكنات عمومية إيجارية ب «ذراع الريش» وبسؤالنا عن الأمر أكد لنا عدد من سكان هذه الأخيرة أن هذا المشهد يتكرر منذ ترحيلهم، ففي كل عمارة تقريبا يوجد على الأقل شقة أو شقتين شاغرتين أو بالأصح استفاد منها أشخاص ليسوا بحاجة لها، حيث يأتون غالبا إلى شققهم في عطلة نهاية الأسبوع لتغيير الأجواء قبل أن يعودوا لغلقها أمسية السبت مستغلين غياب الرقابة وعدم اكتراث السلطات المحلية لمصير السكنات العمومية الإيجارية التي من المفترض أن توزع على أشخاص محدودي الدخل وفي أمس الحاجة للاستفادة من سكن وما أكثرهم بولاية عنابة التي أصبحت احتجاجات السكن فيها «ديكور» يومي كان من الممكن أن تنهيه السلطات المحلية من خلال القيام بالرقابة البعدية التي من شأنها تصحح أكثر الأخطاء التي ارتكبت أثناء إعداد قوائم المستفيدين، خصوصا وأن حصة سبعة آلاف سكن آثر الوالي الحالي إغلاق ملفها بسرعة بمجرد تعيينه وذلك بعد أن أطال عمرها الوالي الذي سبقه وهو الوضع الذي انجرت عنه العديد من الخروق التي من شأنها أن تكبد الخزينة العمومية خسائر معتبرة، باعتبار أن السلطات المحلية ما تزال تعمل على إنجاز مزيد من السكنات العمومية الإيجارية بأغلفة مالية خيالية وهي التي بإمكانها استعادة مئات السكنات التي وزعت على غير مستحقيها في السنوات الماضية والتي قامت هذه الفئة بتأجيرها أو بيعها مستغلين في ذلك غياب سلطة القانون وهو الوضع الذي يبدو أنه سيمس سكنات «السوسيال» في ذراع الريش أيضا، حيث وقفت «آخر ساعة» على شقق يعرض المستفيدون منها تأجيرها وحتى بيعها لمن يريد حل مشكلته مع السكن. الظاهرة تكشف سر ازدهار «البزنسة» بالبيوت الهشة والحاجة لتحيين طلبات السكن يؤكد الوضع الذي وقفت عليه «آخر ساعة» في «ذراع الريش» على أن الازدهار الذي ما تزال تعرفه ظاهرة «البزنسة» بالبيوت الهشة والفوضوية مرتبط بشكل كبير بضعف النظام الرقابي على عمليات توزيع السكن بولاية عنابة، فيكفي فقط تأجير بيت هش ووضع طلب سكن على مستوى إحدى دوائر الولاية وخصوصا الدوائر الكبرى للاستفادة من سكن والتصرف فيه بعدها كما يشاء المستفيد منه، فمن خلال زيارة سابقة ل «آخر ساعة» قامت بها إلى بعض الأحياء الشعبية ببلدية عنابة في صورة واد الذهب «جبانة ليهود»، «لاسيتي أوزاس» و«لاكولون» وقفنا على الطلب الكبير على تأجير البيوت الهشة وتسابق البعض على حجزها حتى قبل خروج أولئك الذين استفادوا من سكنات «سوسيال» منها، كما أن الوضع الراهن يحتم أيضا على السلطات المحلية وعلى رأسها مصالح دائرة عنابة تحيين ملفات طلبات السكن، فقبل الإعلان عن قائمة سبعة آلاف سكن سنة 2017، أعلنت السلطات عن وجود أكثر من 40 ألف طلب سكن على مستوى الدائرة المذكورة وهي الطلبات التي يفترض أنها تراجعت بشكل كبير وذلك بالنظر إلى توزيع عدد معتبر من السكنات بالإضافة إلى توجه البعض نحو برامج أخرى على غرار برنامج وكالة «عدل»، الأمر الذي جعل من مسألة تحيين طلبات السكن على مستوى الدائرة أكثر من ضرورة وهو الأمر الذي طرحته «آخر ساعة» على الوالي السابق غير أنه تهرب من الإجابة التي يبدو أنها مرتبطة برغبة بعض الأطراف في بقاء مشكل السكن قائم بولاية عنابة واستمرار ظاهرة توزيع سكنات «سوسيال» على أثرياء لا حاجة لهم بها سوى لقضاء عطلهم فيها وتأجيرها.