توالت التعازي بعد رحيل المجاهد «الصامت» عبد الرزاق بوحارة ، من قبل الشخصيات الوطنية و الأحزاب السياسية، لفقدان قامة من قامات الجزائر، ورجل فذ جمع بين الفكر السياسي و الميدان العسكري . وقد سجلت بعض الأحزاب السياسية بأن المناضل عبد الرزاق بوحارة الذي وافته المنية الاحد بالجزائر العاصمة كان حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية. في هذا السياق تلقت حركة مجتمع السلم نبأ وفاة المرحوم عبد الرزاق بوحارة بكثير من الأسى والحزن مؤكدة بأنه كان «وطنيا مخلصا ومجاهدا صادقا ومناضلا هادئا حريصا على استكمال بناء الدولة الوطنية». واعتبرت الحركة في برقية تعزية أن الساحة الوطنية «في لحظات تدافع سياسي بحاجة إلى أهل التجربة والوقار فقدت بموته قمة من قمم الجهاد التحرري والنضال السياسي المتين». أما الحركة الشعبية الجزائرية فاعتبرت في برقية تعزية وفاة المرحوم بوحارة «خسارة مناضلا كبيرا للقضية الوطنية» مشيرة إلى إسهاماته لسنين طويلة في خدمة بلاده وتأديته لمهامه على أحسن وجه . وبعد أن قدمت تعازيها وتضامنها مع عائلة الفقيد و لجبهة التحرير الوطني وكل المناضلين إبان الثورة التحريرية كشفت بأن المرحوم كان «قليل الظهور ويفضل العمل في الخفاء « ومن جهته بعث رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني ببرقية مماثلة إلى عائلة الفقيد. كما اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أن الفقيد المجاهد وعضو مجلس الأمة عبد الرزاق بوحارة هو «فقيد الجزائر بأكملها« لكونه «كرس شبابه للذود عن الوطن المفدى». وأعرب المجلس الشعبي الوطني في برقية تعزيه وجهها لعائلة الفقيد عبد الرزاق بوحارة عن «عميق الحزن وبالغ الأسى إثر تلقيه نبأ انتقال المجاهد عبد الرزاق بوحارة إلى جوار المولى عز وجل». وبهذه المناسبة الأليمة قال ولد خليفة: «أتقدم إليكم كافة- أفراد العائلة الكريمة- باسمي الخاص وبأسماء نواب وإطارات وموظفي المجلس الشعبي الوطني بأصدق عبارات المواساة وأخلص مشاعر المشاركة الوجدانية داعيا الله سبحانه وتعالى أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنانه». كما اعتبر رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح أن الجزائر خسرت بفقدان عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني و عضو مجلس الأمة عبد الرزاق بوحارة الذي توفي مجاهدا كبيرا و وطنيا غيورا على بلاده، و قال بن صالح في برقية تعزية وجهها إلى عائلة الفقيد: هز نفسي هذا المصاب الأليم فقد اختطفت المنية منا زميلا عزيزا ألفت بيني و بينه مهامنا في مكتب مجلس الأمة و لا غرو فهو من جيل الثورة المباركة و مجاهديها الأفذاذ و ممن تولوا المسؤوليات الوطنية و المهام الرفيعة فكان بحق من رجالات دولة.. و إننا إذ نفتقده اليوم فإننا نخسر برحيله مجاهدا كبيرا و وطنيا غيورا على الجزائر، و أضاف رئيس مجلس الأمة في برقيته: فنودعه و الحسرة طاغية و الأسى عميق..نودعه إلى حيث يلتحق بمشيئة الله بمن سبقه من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأطهار منوها بصفات و مزايا المرحوم التي انتزع بها تقدير الجميع و جعلت منه واحدا ممن يطلب رأيهم و يعتد بمشورته في القضايا و الإشكاليات المستعصية. وقد غيب الموت رجل الإجماع والمواقف الصارمة المجاهد عبد الرزاق بوحارة ورفعه إلى بارئه، بعدما تعرض إلى نزيف دموي نقل على إثره أول أمس إلى المستشفى العسكري بعين النعجة، وهو في حالة حرجة جدا، رحل رئيس لجنة العقلاء لحزب جبهة التحرير الوطني تاركا الآفلان ينزف نزيفا حادا هو الآخر، وقد عرف الرجل بمواقفه الإصلاحية الصارمة لدرجة أنهم وصفوه برجل الإجماع. لقد كان المجاهد عبد الرزاق بوحارة نائب رئيس مجلس الأمة صارما في مواقفه التاريخية ويدافع دفاعا شرسا عن رفاق النضال و الكفاح، فكان يوما أن رد بعنفوان على الذين يتهمون جيش الحدود بالتقصير، وأن إستراتيجيته كانت غير صالحة قائلا أنه لا ينبغي أن نستصغر التجربة العسكرية في الجزائر، والتي نشطت في المناطق الحدودية من خلال القواعد اللوجستيكية لدعم الثورة، و هؤلاء كسبوا تجربة واسعة في نقل الأسلحة واستعمالها، وأراد بوحارة بهذا القول أن « الفئة المثقفة لعبت دورا كبيرا في بناء الفكر العسكري في الجزائر»، ولأن الفرنسيين يتجنبون الحديث عن الفكر العسكري في الجزائر، لأن الحديث عنها يعبر عن هزيمتها، داعيا الجامعيين والباحثين في الفكر العسكري إلى تنظيم لقاءات لتثمين التجربة العسكرية في الجزائر. و قد نقل المرحوم إثر تعرضه لأزمة قلبية السبت إلى المستشفى العسكري «محمد الصغير نقاش» حيث وافته المنية. و قد شارك في حرب التحرير الوطني ضمن جيش التحرير الوطني و كان ضمن الفيلق الذي شارك في الحرب العربية ضد إسرائيل سنة 1967. كما تقلد الفقيد عقب الاستقلال عدة مناصب عسكرية ليشغل بعدها بداية السبعينيات منصب سفير الجزائر بهانوي (فيتنام) ثم واليا للجزائر الكبرى سنة 1975. و في سنة 1977 وضع الراحل حدا لمسيرته العسكرية ليعين وزيرا للصحة (1979- 1982). و تولى الفقيد مناصب قيادية في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني التي كان عضوا في لجنتيه التنفيذية و المركزية سنة 1989 و في جانفي 2004 عين عضوا بمجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي قبل أن يشغل منصب نائب رئيس هذه الهيئة. و قد تم مؤخرا تداول اسم الراحل كأوفر المرشحين حظا لتولي منصب الأمين العام لحزب التحرير الوطني.