كشف الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام، أمس، أن مشروع القانون المتضمّن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها يجمع بين القواعد الإجرائية والوقائية التي تسمح بالرصد المبكّر للاعتداءات المحتملة وضمان التدخل السريع لتحديد مصدرها، وذكر الوزير أنه ستتم الاستعانة بشرطة قضائية محترفة وذات مستوى عال تضمن صدّ هذا النوع من الجرائم. دافع الطيب بلعيز عن مضمون مشروع قانون الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال إلى درجة اعتبره أمرا إلزاميا ومفروضا على الجزائر بالنظر إلى التطور الهائل في وسائل الاتصال الإلكتروني الذي واكبه تطور خطير، على حد وصفه، في هذا النوع من الإجرام، مشيرا إلى أن هذا النصّ يبقى ملائما لاستعمال الإعلام الآلي قصد حماية المعطيات الإلكترونية من الجرائم المعلوماتية. وتابع وزير العدل الذي كان يتحدّث أمس خلال عرضه لمشروع القانون بمجلس الأمة، أن النصّ يهدف إلى وضع إطار قانوني يتلاءم مع خصوصية وخطورة الجريمة الإلكترونية كما يجمع، حسبه، بين القواعد الإجرائية المكمّلة لقانون الإجراءات الجزائية والقواعد الوقائية التي تسمح بالرصد المبكّر للاعتداءات المحتملة والتدخل السريع لهذه الجريمة من أجل تحديد مصدرها والتعرّف على مرتكبيها. الجديد الذي قاله بلعيز مقارنة مع عرضه الأسبوع الماضي بالمجلس الشعبي الوطني، أنه سيتم الاستنجاد بمصالح شرطة قضائية متخصّصة من أجل ضمان التحرّي والتدخل عندما يكون ذلك أمرا ممكنا، وأورد أن هذه الشرطة ستخضع للتكوين ويكون أعوانها من ذوي الاختصاص وملمّين بالجانب التقني بحيث يكونون تابعين لهيئة سيكون مقرّا بالعاصمة تحمل تسمية "الهيئة الوطنية للوقاية من الإجرام المتصل بتكنولوجيات الإعلام والاتصال" على أن يتم لاحقا تحديد تشكيلتها وتنظيمها وكذا كيفية سيرها. وبناء على ما جاء على لسان الوزير فإن مشروع القانون يقضي بإنشاء هذه الهيئة الوطنية التي تتولى تنشيط وتنسيق عملية الوقاية من الجرائم المعلوماتية وكذا مصاحبة السلطات القضائية ومصالح الشرطة القضائية في التحريات التي تجريها بشأن هذه الجرائم، كما يخوّل لها تولي جانب تجميع المعلومات وإنجاز الخبرات القضائية وتبادل للمعلومات مع نظيراتها في الخارج قصد محاربة هذا النوع الخطير من الإجرام. وذكّر بلعيز أعضاء مجلس الأمة، الذي سيصوّتون اليوم على النص القانوني، بأهم الأحكام التي تضمّنها المشروع والتي جاءت في 19 مادة وستة فصول، حيث اعترف بأن لا يمكن التسليم بشمولية وعمومية هذه التدابير لردّ كل الجرائم التي ترتكب عن طريق استعمال التكنولوجيات الحديثة بالنظر إلى تطوّرها الخطير والمتسارع، ولكنه أوضح في المقابل بأن النصّ فيه من الآليات التي تجعل من الجزائر في مأمن مقارنة مع ما كانت عليه، قبل أن يؤكد أن المشرع يعتبر بداية ستعزّز لاحقا بنصوص مكيّفة كلما اقتضى الأمر ذلك. وجدّد وزير العدل الالتزام بأن يضمن القانون حماية الحريات الفردية سيما منها الخصوصية، حيث أورد أن الفصل الثاني منه يحدّد بوضوح الأحكام الخاصة بالمراقبة الإلكترونية التي لا يجوز إجراؤها إلا بإذن السلطات القضائية المختصة وفي الحالات التي تمّ تحديدها وهي الوقاية من الأفعال الموصوفة بجرائم الإرهاب والتخريب، والجرائم التي تمسّ بأمن الدولة أو حالة توفر معلومات عن اعتداء محتمل بهدّد منظومة من المنظومات المعلوماتية لمؤسسات الدولة أو الدفاع الوطني أو النظام العام. مثلما تحدّ الطيب بلعيز عن القواعد الإجرائية الخاصة بالتفتيش والحجز في مجال الجرائم المعلوماتية وفقا للمعايير العالمية والمبادئ العامة في قانون الإجراءات الجزائية، حيث تمّ تحديد الالتزامات التي تقع على عاتق المتعاملين في مجال الاتصالات الالكترونية خصوصا إلزامية حفظ المعطيات المتعلقة بحركة السير التي من شأنها المساعدة في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها، والهدف من كل هذا هو إعطاء مقدمي الخدمات دورا إيجابيا ومساعد السلطات العمومية في مواجهة الجرائم وكشف مرتكبيها. ويقترح النصّ التشريعي كذلك تحديد قواعد الاختصاص القضائي والتعاون الدولي بوجه عام إذ اقترح توسيع اختصاص المحاكم الجزائية في الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال التي ترتكب من طرف الرعايا الأجانب عندما تكون المصالح الإستراتيجية للجزائر مستهدفة، كما تضمّن مجموعة من المبادئ العامة خاصة فيما يتعلق بالمساعدة و تبادل المعلومات حيث تم اعتماد مبدأ التعاون على أساس المعاملة بالمثل.