دعت الجزائر إلى ضرورة وضع »مقاربة مغاربية مشتركة« من أجل مواجهة التهديدات الأمنية المتنامية في المنطقة، وأكدت على لسان وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن أخطر التحدّيات التي تنتظر البلدان المغاربية هو وجود »ارتباط وثيق« بين الجماعات الإرهابية والشبكات الإجرامية، مثلما حذّرت من تداعيات تدهور الوضع الأمني في شمالي مالي على البلدان المغاربية. رافعت الجزائر من أجل تركيز جهود بلدان المغرب العربي على ضرورة التوصل إلى »إعداد تصوّر مشترك حول التحدّيات الأمنية في المنطقة«، وترى أنه لا يمكن لهذا الهدف أن يتحقق إلا عن طريق »تعزيز الترابط بين دولنا ووضع الآليات الملائمة للتعاون العملياتي في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان وتبييض الأموال«. وإلى جانب ذلك فإن موقف الجزائر الذي أعلن عنه الوزير مراد مدلسي أمس في كلمته خلال افتتاح أشغال مجلس وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي المنعقد بفندق »الشيراطون«، يعتبر أن مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية التي تحدق بالمنطقة المغاربية عموما تتطلب من الشركاء »وضع الأطر الكفيلة للتعاون والاتفاق على جملة من التدابير والإجراءات الأمنية للتعامل مع هذه الآفات«، بالإضافة إلى »تعزيز القدرات المتوفرة لضمان الأمن والاستقرار«. وعلى هذا الأساس خاطب وزير الشؤون الخارجية نظراءه المغاربة قائلا: »إننا مدعوون إلى وضع مقاربة مغاربية مشتركة لمحاربة هذه التهديدات التي لا تستهدف دولة واحدة، وإنما يستهدف كافة أقطار المغرب العربي«، مضيفا في نفس الوقت: »يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية المتاخمة لمنطقتنا خاصة منها تلك السائدة في شمال مالي«، وبرأيه فإن ما يحدث في هذا البلد »سينعكس بشكل مباشر على البلدان المجاورة. ولذلك تبقى الشراكة السبيل الأمثل للتعاون«. وشدّد مدلسي على أن الدول المغاربية مطالبة بتأكيد »المشاركة الفعالة« في أشغال المؤتمر الثاني للشراكة والأمن والتنمية المرتقبة أن ينعقد على الأرجح في النيجر استكمال لمؤتمر الجزائر في سبتمبر 2011. وتابع بكثير من التفاؤل بأن اجتماع الجزائر الأوّل من نوعه لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي لبحث قضيا الأمن »سيُشكّل منطلقا هاما نحو تعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا«، متوقعا كذلك أن »يساهم في تدعيم التعاون الأمني بين دولنا التي تعاني من نفس التحدّيات..«. وبعد أن أبرز وزير الشؤون الخارجية أنه »لا يُمكن تصوّر امن دائم ومشترك بدون تنمية، ولا تنمية بدون أمن واستقرار«، لم يتوان في تأكيد حُسن نية الجزائر وسعيها نحو تحقيق تعاون أمني فعلي، وقال إن هذا الموقف »ينطلق من وعيها بأن مسألة الأمن في المنطقة هي مسؤولية الجميع وهو ما يستلزم منا تظافر الجهود لإقامة تعاون مغاربي حقيقي وفعّال في هذا المجال«، لافتا إلى أن هذا التوجّه ضروري »أمام تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان بما فيها الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات والبشر وتبييض الأموال..«. كما اعترف مراد مدلسي بأن الأوضاع الأمنية في المنطقة »لا تزال محلّ اهتمام سلطاتنا«، مرجعا ذلك على الخصوص إلى »تزايد الشبكات الإجرامية التي أضحت تشكل خطرا على أمن منطقتنا«، وهو ما دفعه إلى تجديد التذكير بوجوب »تكثيف التنسيق والتعاون ومضاعفة الجهود وتسخير إمكانياتنا وقدراتنا لمواجهة الأخطار المحدّقة ببلداننا«. واعتبر المتحدث أن بحث إشكالية الأمن في منطقة المغرب العربي والخروج بتدابير لمواجهتها »ليس حركا علينا وإنما تندرج في إطار الجهود الدولية الهادفة إلى إرساء الأمن«. وأعلن الوزير بالمناسبة التزام الجزائر الكامل لإنجاح المسعى المشترك بدعوتها إلى انعقاد هذا الاجتماع بقوله: »سنعمل جاهدين على تشخيص المخاطر الأمنية التي تهدّد منطقتنا للخروج بمفهوم موحّد للتهديدات التي تشكل مصدر الخطر«، إلى جانب »العمل على بلورة رؤية متكاملة ومتجانسة لتعاون مغاربي يقوم على أسس جدّية وفعّالة«.