شدد وزير المجاهدين، محمد الشريف عباس، على ضرورة أن تقدّم السلطات الفرنسية »اعترافا صريحا« بكل الجرائم التي اقترفها جيشها الاستعماري في حق الشعب الجزائري الأعزل، معتبرا اعتراف هولاند بمجاز 17 أكتوبر »اعترافا سياسيا بالنظر للطريقة التي صيغ بها«. جدد وزير المجاهدين التأكيد على ضرورة انتزاع اعتراف »صريح« من فرنسا بجرائمها الاستعمارية في حق الشعب الجزائري، حين قال في حديث خص به وكالة الأنباء الوطنية عشية الاحتفال بذكرى الفاتح من نوفمبر، »إنه وبالنظر لما اقترفه هذا المستعمر من جرائم في حق شعب أعزل، وبالنظر لمخلفاته والآثار العميقة التي تركها حتى عند الأجيال التي لم تعايش فترة الاستعمار والكل يدرك ما عاناه شعبنا من تنكيل وتعذيب وبطش ودمار، فالجزائريون يريدون اعترافا صريحا لما ارتكب في حقهم«. وفي أول ردة فعل له عقب اعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأحداث 17 أكتوبر 1961 الأليمة، اعتبر شريف عباس ذلك »اعترافا سياسيا بالدرجة الأولى بالنظر للطريقة التي صيغ بها«، مشددا على ضرورة إعادة نشر الرسالة التي بعث بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى نظيره الفرنسي بمناسبة عيد فرنسا الوطني من قبل وسائل الإعلام »ليطلع عليها العام والخاص لما تحمله من معان سامية وقوية« . وتطرق وزير المجاهدين إلى ملف استرجاع الأرشيف الوطني، حين اعتبر الالتفاتة التي اتخذت سابقا من الجانب الفرنسي بإعادة عينات منه للسلطات الجزائرية »لا شيء«، معلقا بالقول إنه »كان مقررا أن يفتح الأرشيف بعد مرور 50 سنة فقد أضيفت 20 سنة أخرى وهي طريقة تهدف إلى إبعاد أجيال ما بعد الاستقلال من التكشف على حقيقة الاستعمار«. وفي هذا السياق شدد شريف عباس على ضرورة كتابة التاريخ »لتحصين الأجيال من محاولات التضليل«، واعتبرها مهمة جميع القطاعات على غرار التربية، الدفاع والشؤون الدينية والتعليم التي قال إنها تقتسم المسؤولية مع وزارة المجاهدين في كتابة وتلقين تاريخ الثورة، مذكرا بما قامت به الدولة من جهود من أجل نقل أحداث الثورة لهذه الأجيال من خلال تنظيم ندوات وملتقيات وجمع المادة التاريخية وتسجيل الشهادات من أفواه صانعي الحدث، إلى جانب تشجيع وحدات البحث التي أنجزت بحوثا ودراسات تناولت بدورها مواضيع متعددة وثرية. وأوضح الوزير أنه »بفضل تعاون الأساتذة المختصين والمؤرخين والباحثين تم انجاز قرص مضغوط بثلاث لغات »عربية وفرنسية وانجليزية« يتناول تاريخ الجزائر من 1830 إلى 1962 من أجل تلقين الأجيال تاريخ الجزائر إلى جانب انجاز كراسات تتناول سير رموز الثورة موجهة خصيصا للناشئة تحت عنوان »أمجاد الجزائر««. إلى ذلك، تطرق الوزير إلى مسألة توقيف عملية الاعتراف بصفة مجاهد، التي أكد أن قرار توقيف الاعتراف بالعضوية في جيش وجبهة التحرير الوطني كان »قرارا صادرا عن المؤتمر التاسع للمنظمة الوطنية للمجاهدين في 1996 الذي يقضي بالتوقيف النهائي لعملية تقديم ملفات طلب الاعتراف بالعضوية«، والذي قال إنه »قرار سيد كان واجبا على الإدارة ممثلة في وزارة المجاهدين أن تلتزم به وتسهر على تنفيذه«، موضحا بأن »الدولة بصدد دراسة حقوق المجاهدين وذوي الحقوق بما يصون كرامتهم ويحفظ حقوقهم«. وفي الشق المتعلق بمطالب أبناء الشهداء تطبيق قانون المجاهد والشهيد، أكد شريف عباس تطبيق المواد المتعلقة بالحماية الاجتماعية كالنقل المجاني والتخفيض من تكلفته في جميع وسائل النقل وحق الترقية الخاصة في العمل بالنسبة للمجاهدين وأرامل الشهداء وأبناء الشهداء وكذا احتساب سنوات الثورة كفترة عمل في معاش التقاعد، مضيفا أن مواد أخرى من القانون سيتم تطبيقها بالتدريج، منها تلك المتعلقة بالمنح بالنسبة للمعطوبين وأرامل الشهداء أو ذوي حقوق المجاهد كتحويل منحة أرملة الشهيد بعد الوفاة الذي قال إن »الملفات المستوفية للشروط قد تم تصفيتها وبأثر رجعي منذ 2008«. وبمناسبة الاحتفال بالذكرى 58 لاندلاع الثورة، اعتبر وزير المجاهدين استقلال الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية »أكبر هدف حققته ثورة أول نوفمبر 1954«، حين قال »اعتقد أن أسمى هدف حققته الثورة التحريرية هو استقلال الجزائر واستعادة سيادتها وهو الهدف الذي دفعنا من أجله الغالي والنفيس«. وعاد الوزير إلى الحديث عن السنوات الأولى للاستقلال التي قال إنها »كانت صعبة لقلة الإمكانيات المادية والإطارات وكذا مخلفات الحرب الضروس والإبادة الكبيرة التي تعرض لها الشعب«، قبل أن بضيف أن »أن خمسينية الاستقلال تجعلنا نستوقف عند الطفرة النوعية التي ميزت 50 سنة من انجازات الجزائر وعلى كل المستويات«، مشيرا إلى أن العمل متواصل لاستكمال مسار التنمية من أجل تطوير الوطن وتحقيق مطالب المواطنين.