يشرف البروفيسور عبد الرحمن بن بوزيد، المتخصص في طب العظام والمفاصل على الأيام الطبية التي نظمت بولاية بسكرة والتي تمتد من 22 ديسمبر الجاري إلى غاية 29 من نفس الشهر، العملية التي تضم فريقا طبيا متنقلا من العاصمة تهدف إلى تخفيف مشقة السفر على سكان الجنوب الذين يضطرون في عديد المرات للتنقل إلى العاصمة وانتظار شهور للحصول على موعد طبي جراحي. هي سنة حميدة أراد أصحابها أن تساهم في تكوين الفرق الطبية عبر ولايات الجنوب، وقد تمت برمجتها مرتين في السنة، دورة الربيع تقام في شهر أفريل ودورة الشتاء وتقام في ديسمبر. لم يكن يبدو أنه ينتمي إلى صنف بعض الأطباء الذين ألفناهم متكبرين، وربما نحتاج إلى موعد للقائهم، بكل بساطة، وبأي لغة كانت فرنسية أو عربية، بفصاحة وسعة صدر، فتح لنا البروفيسور بن بوزيد بمستشفى أولاد جلال، أبواب غرفة العمليات ورحب بنا وهو يستعد للدخول في عملية جراحية دقيقة، مرفق بزملائه من الأطباء والممرضين وغيرهم ممن يساهمون في تخفيف الآلام عن المرضى، وبكل تواضع رحب بنا وتفاجأ لكوننا تنقلنا من العاصمة إلى بسكرة في رحلة لا تدوم أكثر من 15 ساعة، ليس إلا للقائه والحديث عن هذه التجربة التي قام بها والتي باتت سنة حميدة تقام على الأقل مرتين في السنة. من هذا المنطق وبسرعة البرق، استرسل الرجل وهو يتحدث عن طبيعة هذه المهمة التي قادته رفقة فريقه الطبي من العاصمة وبالتحديد من مستشفى بن عكنون إلى مستشفى عاشور زيان بأولاد جلال التابعة لولاية بسكرة، ذكرنا بمهمة أخرى قام بها في جانت بولاية إليزي والتي تبعد عن العاصمة بحوالي 2400 كيلومتر، ليؤكد لنا أن أولاد جلال وإن بعدت تبقى قريبة من المدن الساحلية مقارنة بولايات أكثر عزلة. وبالنسبة للبروفيسور، فإن الأمر طبيعي وقد تعود عليه منذ سنوات، عندما طلب منه فريق طبي ببسكرة أن يكّون مجموعة من الأطباء تتنقل من العاصمة إلى أولاد جلال لإجراء عمليات جراحية في العظام والمفاصل وتكون متخصصة ودقيقة لأنها تعتمد على جراحة تبديل العظام، وهي التقنية التي تفتقدها مستشفيات الجنوب، منذ 17 سنة ونحن نأتي إلى هذه المنطقة يقول بن بوزيد. وعن سبب اختياره اولاد جلال، أوضح بن بوزيد، أن الأمر يتعلق بالفريق الطبي المستقبل والذي عادة ما يقوم بدعوته رفقة زملائه من العاصمة، وبالتالي يتم تهيئة كل الظروف الملائمة للتكفل بالمرضى وإجراء أكبر عدد ممكن من العمليات الجراحية في ظرف وجيز لا يتعدى الأسبوع، ومن ثم قال الرجل، تخيلوا لو أننا ذهبنا إلى مستشفى ولم نتفق مع عماله، ستكون الكارثة، لذلك أفضل العمل في جو من الانسجام والتفاهم، مشيرا إلى مستشفى أولاد جلال الذي رفض بعض من طاقمه شبه الطبي الدخول في إضراب رفقة زملائهم، ليس خروجا منهم عن عصا الطاعة أو طعنا في روح الجماعة وإنما بهدف عدم تفويت الفرصة على المرضى الذين لديهم مواعيد منذ زمن وهم ينتظرون لإجراء هذه العمليات وهو الأمر الذي استوقف البروفيسور وجعله يتأثر كثيرا بسبب إنسانية هذا الطاقم الطبي الذي حياه بقوة. هذه العمليات التي تقام حول عظم العضد وفي كل الاختصاصات الطبية مثل طب العيون والقلب وغيرها تكون عادة في شهر أفريل، على غرار ما حدث في الدورة الفارطة والتي ضمت أكثر من 100 طبيب قدموا من الشمال إلى أولاد جلال، أما الدورة الخاصة بشهر ديسمبر فتقتصر على طب العظام والمفاصل، مع العلم أن المرضى الذين يتم استقبالهم يأتون من ولاية بسكرة وكذا من الولايات المجاورة. ويشرف البروفيسور على عمليات تبديل مفاصل الحوض ومفاصل الركبة، وسيقوم بحوالي 35 عملية من هذا النوع في هذه الدورة بأولاد جلال، بمعدل 10 عمليات يوميا، بعد أن تم إعداد قائمة المرضى الذين هم بحاجة إلى تدخل طبي جراحي عميق ودقيق خاصة فيما يتعلق بتبديل المفاصل، هي عملية تتم عن طريق الجراحة وتعتبر بمثابة رمامة داخلية لمعالجة التشوهات. ومن ثم اغتنم بن بوزيد الفرصة للحديث عن النقص الكبير المسجل في هذه الأدوات العلاجية المستعملة في الترميم الداخلي. هي خدمات طبية مجانية وعمليات جراحية دقيقة، الهدف منها تقديم خدمات طبية ذات مستوى عال وتقريب الشمال إلى الجنوب والتكفل بأكبر عدد ممكن من المرضى. الدورة شرع فيها يوم السبت الفارط وتنتهي بداية الأسبوع المقبل، هي فرصة للتلاقي مع أبناء المنطقة ومعالجتهم أحسن علاج ولم لا أكل الشخشوخة البسكرية بالمناسبة وتذوق »دقلة نور«، في انتظار دورة أفريل ودورات أخرى برمجها البروفيسور في كل من ولاية تمنراست، ورقلة، تيسمسيلت وبرج بوعريريج بداية من العام المقبل .. انتهت المقابلة، الطاقم شبه الطبي يستعجل البروفيسور للدخول إلى غرفة العلميات..الحالة مستعجلة، لقد تم حقن المريض بالمخدر.. تركنا البروفيسور وطاقمه إلى حين لقائه مرة أخرى في ولاية أخرى أو ربما بالعاصمة.