»عبد الحميد مهري كانت لديه القناعة الراسخة غير القابلة للنقاش بأن روح المسؤولية التي يتحلى بها الشعب الجزائري غير مُتَنَاهِيَةٍ«...بهذه العبارات فضل سهيل الابن أن يتحدث عن والده في ذكرى وفاته الأولى، في حديث خص به »صوت الأحرار«، فتح نجل الراحل مهري قلبه ولم يتوان في الكلام عن المشاريع الجاري تحضيرها لتخليد الذكرى والتعريف بهذه الشخصية ومواقفها...كلها مشاعر فياضة عكستها عبارات سهيل وكلماته البسيطة والعميقة في الوقت ذاته، كيف لا وهو الذي حظي بشرف أن يكون ابنا لسي عبد الحميد في أبوة تقاسمها معه كل الشعب الجزائري ذمرت سنة على رحيل الوالد والأب الروحي للشعب الجزائري، هل تفكرون أخي سهيل في نشر مذكرات الوالد رحمه الله حتى يتسنى للجزائريين الإطلاع على مزيد من تفاصيل هذه الشخصية الفذة؟ ●في البداية أشكركم جزيل الشكر على مبادرتكم الطيبة، التي هي في الحقيقه ليست غريبة على جريدة غراء كجريدة »صوت الأحرار« التي كانت ولا تزال السباقة في المواقف الوطنية المشهودة، وأشكر لكم مشاعركم الطبية. في الحقيقة، مشروع المذكرات مشروع قائم منذ حوالي سنتين، وكان الوالد رحمه الله قد تقدم بالعمل فيه رفقة الصحفي الأستاذ محمد عباس تقدما ملوسا، ولكن القدر حال دون أن يتم مهمته في تدوين كل ما كان ينوي تدوينه. والآن، فإننا نواصل، رفقة الأستاذ محمد عباس وبعض المقربين من المرحوم، صياغة اللمسات اللازمة لإكمال ما ينقص الصيغة النهائية، أضف إلى ذلك التنقيح وإضافة كل الملاحق والصور الضرورية لتجسيد المسيرة النضالية للوالد على أشمل وجه، على أمل أن يكون نتاج ذلك قريب إلى أكبر قدر ممكن من ما كان يطمح إليه الوالد ولكي يكون خير تعبير على أفكاره رحمه الله ليتسنى للعام والخاص الاستفادة منها. ألا تفكرون في إنشاء مؤسسة عبد الحميد مهري، توكل لها مهمة جمع مآثر الفقيد والتعريف بشخصه وإنجازاته لمد حبل التواصل بين جيل الأمس وجيل الغد؟ ●لا أخفيكم سرا إن قلت لكم أن هذه الفكرة طرحت من أكثر من طرف وهي بطبيعة الحال واردة إن شاء الله، وقد تأتي الظروف المثلى التي ستسمح لنا بالمضي قدما في هذا المشروع. لكن في الوقت الحاضر، ارتأت العائلة أن نتقدم في التعريف بمسيرة المغفور له، في بداية الأمر عبر مواقفه المعروفة عامة وذلك عبر موقع الكتروني سيُلِم بجانب الأرشيف المكتوب والمسموع والمريء، وسيتم فتحه بإذن الله، في ذكرى وفاة الوالد رحمه الله. ألا تفكرون في خوض غمار السياسة على غرار تجربة الوالد وإن كانت الظروف مختلفة؟ ● بطبيعة الحال، ومن البديهي في كثير من الظروف أن يتبع الوَلدُ خطى أبيه، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون ذاك الشِبلُ مُطعماً بالحسِ والفكر السياسي. إلا أنني شخصياً فضلت العمل في ميدان آخر ألا وهي مهنتي البيداغوجية »الهندسة المعمارية« والتي أمارسها الآن منذ أكثر من عشرين سنة، وأظنني أكثر وَلَعًا بها من السياسة رغم وجود بعض النزعات إليها في نفسي. ما هي الكلمة التي قالها سي عبد الحميد مهري والتي لا تزال ترن في أذن سهيل الابن وتحفر في أعماقه؟ ● لا تحضرني مقولة معينة من أقوال الوالد رحمة الله عليه، ولكن من الأمور التي كان يُصِرُ عليها، في حديثه معنا، هي قناعته الراسخة غير القابلة للنقاش بأن روح المسؤولية التي يتحلى بها الشعب الجزائري غير مُتَنَاهِيَةٍ وفهم هذا الشعب لواقع البلاد عميقٌ وصحيحٌ وإلمامه بتفاصيل الحياة السياسية بحذافيرها فِعلي وحقيقي ولا يجوز بأي حال من الأحوال تقزيمه أو احتقاره. وكان خير مثال يَستَدِلُ به لنا لتجسيد قناعته هو تلك التجربة الحزبية التي عاشها في أواخر الأربعينات عندما كانت يقوم بالحملة الانتخابية لحزب الشعب مخاطبا أهالي قرية من قرى الشرق القسنطيني، وكيف رد عليه أهلها قائلين: يا سي عبد الحميد !! أحنا فاهمين من بكري،... الحمد لله الي فهمتو أنتوما !!. وفي سياق آخر، كان كثير الإصرار معي ومع بقية أفراد الأسرة، على التعقل في اتخاذ القرارات أيا كانت. وكان يلح، بروح الفكاهة المعهودة لديه المغلفة بالطابع البيداغوجي الذي لا يكاد أن يكون ملموسا، على »التأني« حتى ولو كانت الأمور بعيدة عن الجدية.