أصابت عدوى الاحتجاجات أزيد من ألف شاب بطال، خرجوا أمس إلى مجمع ساحة أول ماي بوسط مدينة غرداية، بعد أن وصلتهم رياح المطالب التي رفعها قبل أسبوع تقريبا شباب منطقة ورقلة والاغواط، في مسيرة أطلق عليها »مليونية استرجاع الكرامة وتصحيح المسار«، شددوا من خلالها على تشبثهم بمطالبهم التي انتقدوا بشأنها التأخر غير المبرر في تطبيق إجراءات الحكومة الممنوحة منذ قرابة الشهر، خاصة ما تعلق بقضية التشغيل. انتقد المحتجون الذين توافدوا من جميع البلديات ال 13 بالولاية أثناء اعتصامهم بوسط المدينة التعاطي السلبي مع قضية التشغيل ورغبة بعض الأطراف في إجهاض مساعي الشباب المحتج في حياة كريمة وبلد تتحقق فيها العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في الشغل والتنمية، مؤكدين من جهة أخرى على أن الاعتصام هو مواصلة للاحتجاجات التي بدأت منذ أكثر من شهرين، مذكرين بأنهم لم يحيدوا عن المطالب التي رفعها نظراؤهم في كل مناطق الجنوب. هذا وطوّقت مصالح الأمن أهم المخارج المؤدية للمدينة خوفا من انضمام شباب باقي البلديات، في حين لم تسجل المسيرة أي انزلاق، حيث ساد الاحتجاج تنظيم محكم، ردد فيه المحتجون عدة شعارات كانت أهمها تلك المتعلقة بالشغل والسكن »العمل والسكن حقنا في الدستور«، مشددين من جهة أخرى على »الوحدة الوطنية خط أحمر لا يحق تجاوزه«، كما طالبوا ب»العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في الشغل والتنمية«، كما انتقد البطالين التأخر الكبير وغير المبرر لتطبيق إجراءات الحكومة الممنوحة منذ قرابة الشهر. وغلب طابع الهدوء على جو المسيرة، والتي تميزت بسلمية الحركة الاحتجاجية، حيث نجح منظمو الاحتجاج في تجنب الدخول في مواجهات مع جهات أخرى كانت قد أبعدت مسبقا عن مسيرة غرداية والتي تمكنت من الانتقال إلى عدد معتبر من شوارع المدينة، للتأكيد على دعم شباب المنطقة لمواقف شباب الجنوب المحتج على ظروفه الاجتماعية، حيث أنهى هؤلاء المحتجين الذين وفدوا من مختلف بلديات ولاية غرداية، إضافة إلى بعض الولايات المجاورة اعتصامهم في نهاية الصبيحة حيث غادروا مواقعهم في هدوء تام. وقد أكد في وقت سابق بيان منظمي الاحتجاج أن هناك أطرافا من الداخل تعمل على المناورة وزرع البلبلة والفتنة في أوساط الشباب بغرض إفشال حركة ال13 فيفري بغرداية ولهذا السبب تم إعادة دعوة كل أفراد المجتمع المدني بغرداية للتوجه إلى ساحة أول ماي بداية من الساعة الثامنة صباحا لرفع انشغالات المواطنين إلى الحكومة وتوجيه رسالة إلى الوزير الأول ورئيس الجمهورية بضرورة تطبيق الوعود الممنوحة للشباب على أرض الواقع. وقد استجابت الحكومة لمطالب المحتجين عبر كافة ولايات الجنوب بجملة من القرارات، يترقب المطالبون بالعمل تجسيدها على أرض الواقع في أقرب وقت وحملت التعليمة الصادرة عن الوزير الأول عبد المالك سلال عدة قرارات من شأنها امتصاص البطالة وفتح باب التشغيل على مصراعيه أمام شباب الجنوب، خاصة في الشركات البترولية، وذلك بغرض الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي على مستوى هذه المناطق. وتنص التعليمة على منح الأولوية لشباب الجنوب في التوظيف ويجب حتما أن تتم تلبيتها باللجوء من باب الأولوية إلى اليد العاملة المحلية، ومنع المؤسسات من جلب اليد العاملة من خارج الولاية، وإذا استحال إيجاد الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل المحلية يمكن لوالي الولاية المختص إقليميا أن يمنح ترخيصا استثنائيا باللجوء إلى يد عاملة خارج الولاية، على أن يكون ذلك بموجب تقرير معلل ومشفوعا برأي مصالح التشغيل المختصة. كما تلتزم شركات المناولة بمنح رواتب لا تقل عن 80 من المائة من شبكات الأجور المعمول بها في مناصب مماثلة، هذا وتقر التعليمة بفتح مراكز لتكوين اليد العاملة المحلية وتأهيلها، إلى جانب رفع نسبة تمويل المشاريع المصغرة إلى 100 بالمائة. وتلزم التعليمة تأسيس لجان قطاعية مشتركة على مستوى جميع الولايات المعنية بالجنوب لضمان متابعة تنفيذ التعليمة، والتي يرأسها والي الولاية، بغرض ضمان متابعة تنفيذ هذه التعليمة وحمل المؤسسات المتمركزة في ولايات الجنوب على التقيد بأحكامها وستجتمع هذه اللجنة برئاسة والي الولاية مرة في الشهر على الأقل.