على هامش عرضه المسرحي « الثرثرة الأخيرة للماغوط « بقاعة الموقار في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الثامنة إلتقت « صوت الأحرار « بالفنان السوري فائق عرقسوسي المتميز بأدواره التاريخية والإجتماعية في الدراما السورية ويتناول في حواره إخراجه للعمل في خامس تجربة مسرحية له على إمتداد 27 عاما من الممارسة الفنية ومشاريعه الدرامية لرمضان القادم كما يتحدث عن الوضع في سوريا حيث يرى أن سوريا تدفع ثمن تغييرات المنطقة وتكاليف إرساء نظام عالمي جديد.، ● كمثقف وفنان ما هي قراءتك لما يحدث في سوريا وهل هي مؤامرة لإضعاف سوريا ؟ ¯ نحن في سوريا ندفع فاتورة وثمن تغيير خريطة العالم وتغيير النظام العالمي ولكن سوريا قادرة على الوجود والتحدي . ● لماذا خيار شخصية الشاعر السوري الكبير محمد الماغوط محور للعمل المسرحي ؟ ¯ الإختيار قائم على لعبة فنية وفكرة تعالج ما يحدث في سوريا من خلال شخصية إعتبارية وهي شخصية الشاعر محمد الماغوط الذي يعتبر من ألمع كتابنا وشعرائنا المبدعين بوعي وفي نفس الوقت يتمتع ويتميز بسخرية لاذعة ومرارة عميقة في النظر للأمور والتحليل والمسرحية تقوم على الإفتراض حيث تفترض أن الشاعر الراحل محمد الماغوط بعث من جديد نتيجة الأحداث التي تحصل ويلقي الضوء عليها ويطرح مجموعة من الأسئلة ومن الأجوبة أيضا يتضمنها العرض. ● هل يتجلى الوضع السوري في مونودراما « الثرثرة الأخيرة للماغوط « ويطرح أسئلته ؟ ¯ العملية مفتوحة ، وربما ما هو سؤال بالنسبة لشخص ما هو جواب بالنسبة لآخر ، فهذا متروك للعرض ولطريقة تلقي المشاهد له وتجاوبه ● يعني ذلك أن النص المسرحي مشبع بالرمزية ؟ ¯ ليس بالرمزية ولا المباشرة بل بتجارب الرجل في مختلف المناحي وخلال مسيرة حياته وتجاربه في مستوياتها المتعددة ● لكن الماغوط معروف بطروحاته القوية ؟ ¯ المطلوب أن يكون هناك قوة الإختيار وقوة العرض وقوة في الصدق وهذا ضروري جدا لهده المرحلة . ● إذن النص محايد ويحاكي الوضع السوري بكل حذافيره ؟ ¯ لا أقول أن هناك شيء محايدا بل هناك شيء مفهوم بعمق معالج بعمق وهناك شيء للأسف شديد ، وقدر للإعلام أن يتلاعب به و قدر له أن يحركه في الإتجاه الخاطئ وبالتالي عن شخصية مثل الماغوط لا يمكن أن يمر عليها هكذا. ● ماذا عن رؤيتك الإخراجية وهل هي تجربتك الأولى في المسرح ؟ ¯ عشقي الأول والأخير هو المسرح والخشبة لكن التلفزيون عملية توصلك لأكبر عدد من المشاهدين لهذا عرفت كممثل على التلفزيون أكثر من المسرح و أشير أنني قضيت حوالي 27 سنة في اللعبة المسرحية سواء كممثل أو مخرج حيث أخرجت 4 عروض مسرحية مختلفة المشارب والإتجاهات و أقوم بالعملية الإخراجية نتيحة أن هناك ما يحرضني وتمتلئ به روحي ويثير في كوامني كإنسان ولست أن أكون مخرج ذو عدد كبير من الإخراج . ● وكيف جاءت المعالجة الجمالية للنص ؟ ¯ هذه الأسئلة هي حالة تلقي أنا إخترت خيارات لها علاقة بنوع المونودراما ، تخرجنا من حالة المباشرة والخطاب ولا يمكن الحديث عنه إلا تكنيكيا والتكنيك يستدعي المشاهدة وربما هناك حل في بالي لو عرضت العمل مرة ثانية سأختار حل آخر ، عملية تفاعل مستمر ● الشكل الذي تقترحه على الجمهور ؟ ¯ تعبيري لأن العملية كلها مفترضة ليس واقع وهي الواقع في نفس الوقت ، تعبيري ذو طاقة إنسانية عالية يحيط بها ويفهمها كل متلقي كما يشاء . ● إذن أدخلت الجمهور كعنصر أساسي في العملية المسرحية ؟ ¯ الجمهور عنصر دائم للعرض ويمنحه الحياة دائما. ● وهل تراهن على الجمهور ؟ ¯ ليست مراهنة، أنا لا أقدم عرض في الهواء الطلق ولا لجماد ولا لحجر في أي لعبة مسرحية أو أي عمل فني أولا وأخير العلاقة الكبرى والتأثير الأكبر هو مع الجمهور، و الجمهور ليس مراهنة وإلا سأكتب قصائد وأبقيها في ذاكرتي وكفى . ● ومن كتب النص وماذا عن الممثل ؟ ¯ كتبت النص الكاتبة الدكتورة غلاديس مطر وهي أديبة سورية مقيمة بأمريكا ولها تجارب عديدة تشبعت بروح الشاعر محمد الماغوط وتفاصيله حياته وكتبت على إفتراض أن الماغوط حي يرزق وبعثت فيه الحياة من جديد . ● كيف كان العرض بسوريا في ظل القصف والدمار والفوضى ؟ ¯ قصدنا من العملية أولا وأخيرا أن نتثبت أن الإنسان السوري لديه الطاقة للحب والحياة أكبر بكثير مما حصل وأنه موجود وحي وقادر على الإبداع والعطاء والإستمرار و التحدي أيضا وقابل لأن يكون ذاته ونفسه رغم كل ما يحدث، هذه مسألة أساسية في أننا تعاملنا مع هذا النص قدم هذا النص ، قدم في أكتوبر الماضي باللاذقية وفي أبريل الماضي في طرطوس وبعد عرضه في الجزائر سيعرض في دمشق وربما أمان أخرى ● كيف كانت التدريبات سواء في المسرح أو خلال تصوير المسلسلات في ضل اللحظة الدموية ؟ ¯ من الألم يخلق الفرح ومن الصعوبة تخلق السهولة ومن قلب الدمار تولد الحياة ، التدريبات كانت دائمة وباستمرار وبدون أي توقف مهما حدث و ربما حصل بعض الإشكالات لما كنا نصور بعض المسلسلات في دمشق أثناء القصف وأصوات الإنفجارات ورغم ذلك كنا نصور ربما يأخذ المشهد نصف الساعة فنصوره في ثلاث ساعات أحيانا وكنا مستمرين وهذا أهم عنصر لأن ابن سوريا إبن حضارة تمتد إلى 11 ألف سنة من الحضارة لا يمكن أن تهزه أي مؤامرة مهما كانت الصعوبة كبيرة. ● المسرح السوري في اللحظة الدموية ؟ ¯ اللحظة الدموية يخيل لنا أنها هي في سورية فقط ، أنا أعتقد أنها ممتدة على كامل العالم العربي بشكل أو بآخر ، قدرة الناس ليس على التكيف بل النهوض من داخل الدمار أعتقد أنه متفاوت بين مكان وآخر ، المسرح السوري يشتغل يعرض تجارب عديدة للشباب ربما هناك محدودية في أماكن العرض نتيجة للحالة البلد لكن الإرادة والرغبة موجودة والإحساس بإنسانيتك موجود بقوة والجمهور يحضر بقوة ومثلا خلال العرض باللاذقية وطرطوس كان عدد الجمهور خارج القاعة ضعفي عدد الجمهور داخلها وربما للإستقرار النسبي لهاته المحافظات . ● وماذا عن مشاركتك في خارطة الدراما السورية الرمضانية ؟ ¯ شخصيا انتهيت مؤخرا من تصوير مسلسل جديد ضمن 10 ثلاثيات للمخرج نجدت أنزور وهو مسلسل « الشيفون « و مسلسل «ياسمين عتيق» مع المخرج المثنى صبح والذي سيعرض في شهر رمضان المقبل كما صورت الجزء الثاني من « زمن البرغوث « للمخرج أحمد إبراهم الأحمد ، فضلا على ذلك أشارك في الجزء الجديد من « الولادة من الخاصرة « وأوضح أنه هناك مسلسلات كثيرة تصور داخل وسوريا وخارجها . ● ماذا تأمل أمام الوضع في سوريا ؟ ¯ سوريا ليس عهدها الأول مع مثل هذه الفترات العصيبة والأزمات فمن يقرأ تاريخ سوريا منذ الأزل يجد أنه لم يكن دين من الأديان وفكر من الأفكار ولا أمة إستعمارية إلا وجاءت إلى سوريا في محاولة لتركيعها ، لكن سوريا كحاضن إنساني وتاريخي عالي كانت تستقبل كل هذه التجارب رغم الطغيان و الإستعمار و كانت دوما وفي النهاية تنتصر وتؤكد شخصيتها ولها علاقة بتاريخها الضارب في عمق الإنسانية .