بمناسبة ذكرى رحيل الكاتب، الشاعر والمسرحي كاتب ياسين، ينظم مسرح ''القوسطو'' لمديره زياني شريف عياد، بقصر الثقافة ''مفدي زكرياء'' أيام 28 ,27 و29 أكتوبر ملتقى بعنوان ''لقاءات كاتب ياسين''، هذا الموعد الذي يرى فيه المخرج المسرحي زياني شريف عياد، الذي نزل ضيفا على جريدة ''الجزائر نيوز''، فرصة لنفض الغبار عن شخصية مسرحية تستحق التغلغل فيها بشكل واسع، خاصة وأن جيل اليوم يجهل عنها الكثير· لك تجربة مسرحية مختلفة، حدثنا عنها؟ تخرجت من معهد الفنون الجميلة ببرج الكيفان كان يحز في نفسي كثيرا أننا درسنا المسرح لمختلف دول العالم روسيا، إيطاليا، اليابان وغيرها، إلا الجزائر، طرحت على نفسي سؤالا: أليس من حقنا أن نتبوأ مقعدا في مسارح العالم، علما أن لنا تجربة مسرحية محترمة بدأها رواد ومؤسسو المسرح الجزائري أمثال ''ولد عبد الرحمان كاكي''، ''بشطارزي''، ''كاتب ياسين''، ''عبد القادر علولة''، من ثم قررت أن أحترف الإخراج المسرحي بعد عملي كممثل من سنة 1971 إلى غاية .1980 بعد أحداث أكتوبر 1988 أسست رفقة أصدقائي، المرحوم عز الدين مجوبي، بن قطاف وصونيا، مسرح ''القلعة''، قدمت خلاله عدة مسرحيات ''العيطة''، ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' وغيرها· و لأسباب مرت بها الجزائر اضطررت لمغادرة الوطن وأسست مسرح ''القوسطو'' سنة 2005 الذي يعبر عن استقلاليتي ووجهة نظري، خاصة بعد مغادرتي للمسرح الوطني كمدير سنة .2004 أهم أعمالي كانت ''قالوا العرب·· قالوا'' المقتبسة من رواية ''المهرج'' للكاتب السوري محمد الماغوط، نالت جائزة قرطاج لأحسن إخراج، ''حافلة تسير'' المقتبسة من رواية الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، ''سارق الأوتوبيس''، بالإضافة إلى أعمالي الأخيرة ''القلب بين الأسنان''، ''النجمة والشهاب'' و''الماشينة'' أو القطار، المقتبسة من إحدى لوحات مسرحية ''لفوال'' لعبد القادر علولة· هل كنتم تعانون من مشكل الرقابة على أعمالكم؟ بطبيعة الحال، إضافة للبيروقراطية ومحاصرة الفنان، كنت أعاني من الرقابة والمساءلة عن أعمالي، ففي مسرحية ''قالوا العرب·· قالوا'' اتهمت بأنني أجرح وأشتم الزعماء العرب· وفي مسرحية ''حافلة تسير'' تم استدعائي من طرف أحد المسؤولين واتهمت وقتها بأنني أنتقد شخص الرئيس بتشبيهه بسائق الحافلة الذي يقودها إلى حيث لا يدري، فأجبت أن الفنان غير مجبر على تفسير الأعمال التي يقدمها لجمهوره، وربما كانت إحدى الأسباب التي جعلتني أغادر البلد ومسرح القطاع العام· تحملون رؤية جديدة للمسرح، ما هي؟ تظهر رؤيتي الجديدة للمسرح من خلال عملي الذي سيعرض بمناسبة لقاءات كاتب ياسين، مسرحية ''الماشينة'' التي وظفت فيها مسرح الحلقة، فأنا أرفض المسرح الكلاسيكي أو الخشبة على الشكل الإيطالي، اعتمادا على فكرة أن المسرح هو الذي يتجه إلى الجمهور وليس العكس، فمسرح الحلقة هو كسر لحدود الركح بحيث يندمج الجمهور في أحداث المسرحية ويصبح شريكا في العمل المسرحي، وهي تتمة للفكرة التي حاول علولة تطويرها بالاعتماد على الفوال أو الحكواتي المستمد من التراث الشعبي الجزائري، الذي يعتمد على إبراز النص من دون زخرفة أو بهرجة مسرحية حتى تصل الرسالة مباشرة إلى القلب· تقييمكم لوضعية المسرح حاليا؟ أتأسف كثيرا للواقع المرير الذي آل إليه الركح، والذي سيؤدي لا محالة إلى غياب الذاكرة المسرحية، فهناك خمول وركود أصاب المسرح بسبب غياب العروض، التي إن وجدت، فهي أعمال تقليدية ومحدودة الأفق ولا تطمح لأي تغيير أو تطور· فأزمة المسرح تتجلى في فقدان النص المسرحي في سوق الكتاب الأدبي، لا أثر لنصوص مسرحية تتداول بين القراء، ليست هناك دراسات أو تكوين أو استثمار في هذا المجال، حتى الفنان أصبح مهمشا وليس هناك أي قانون يحميه· صاحب ''النعل المطاطي''، الذي وضع المسرح الجزائري على خريطة المسرح العالمي بمؤلفاته، لا سيما ''نجمة'' قصة الحب والوطن التي كانت بسبب نصها الشاعري المتوهج تقارن بكتابات الروائي الإيرلندي الشهير ''جيمس جويس'' والأديب الأمريكي المتميز ''وليام فولكنر''، كما حولها المسرحي الكبير المصري الراحل ''كرم مطاوع'' إلى مسرحية عرضت بأعرق المسارح الفرنسية كمسرح ''فرانسيز'' بباريس··· هذا العمل سيعيد بعثه من جديد مسرح ''القوسطو'' من خلال العرض الافتتاحي لأول أيام الملتقى بمسرحية ''نجمة والشهاب''، هذا العمل الذي يعرض العلاقة بين الشيء الواقعي والترميز عن طريق حوار بين نجمة ''زليخة'' الشخصية التي أحبها وشهاب ''كاتب ياسين''، حيث تقول له في أحد المقاطع ''لقد قرأت كتابك نجمة ولم أجد فيه نفسي··· كما ستطرح أسئلة يجيب عليها كاتب ياسين بعد عشرين سنة من مغادرته الحياة عبر ثلة من الشباب الذين حركوا أحداث المسرحية ليكونوا بذلك رمزا لمواقفه وإنتاجاته الإبداعية، هذه المسرحية ستستحضر في أزيد من ساعة، مفهوم الكتابة عند كاتب ياسين· كما سيتضمن ''برنامج لقاءات'' طيلة أيامه، ندوات ومحاضرات من تنشيط أساتذة جامعيين، مسرحيين وصحفيين وعرض فيلم وثائقي عن حياة كاتب ياسين بعنوان ''نجمة'' لجيلالي خلاص·