تجمع صباح أمس المئات من المحاميين والنشطين الحقوقيين أمام مقر مجلس قضاء العاصمة، للمطالبة بتجميد أو إلغاء مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة المعروض اليوم للمصادقة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، وفي وقت تنظم اليوم النقابات الجهوية وعلى رأسهم نقابة العاصمة وقفة احتجاجية ثانية، هدد نقيب العاصمة بتصعيد الاحتجاج على المستوى الوطني في حال إقرار القانون وأعلن عن إطلاق حملة جمع توقيعات لسحب المشروع. وجه نقيب المحامين بالعاصمة، عبد المجيد سيليني، خلال الوقفة الاحتجاجية نداء مستعجلا للسلطات العمومية من أجل التدخل وسحب مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة المعروض اليوم للمصادقة من طرف الغرفة السفلى، مؤكدا أن النص بصيغته الجديدة المعروضة أمام البرلمان »يتناقض مع العهود والمواثيق الولية التي وقعتها الجزائر لحماية حقوق الإنسان وحقوق الدفاع ويلغي فلسفة ومبادئ العدالة«. ولم تخلو الكلمة التي ألقاها نقيب العاصمة أمام حشد المحاميين والنقباء السابقين وكذا العشرات من النشطين في مجال حقوق الإنسان الذين حضروا التجمع الاحتجاجي من لهجة التهديد بتصعيد الاحتجاج في حال تمسك الحكومة بالمصادقة على القانون الجديد وتجاهل موقف المحاميين الرافض له، حيث قال »إن المحامين لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا تم إقرار القانون وتبنيه من طرف البرلمان«، وتابع يقول إننا نرفض التقدم على الخلف و سنواصل النضال من أجل حماية مكاسب المهنة«. وأعلن سيليني عن حملة جمع التوقيعات ستطلقها نقابة العاصمة لاحقا للمطالبة بسحب المشروع وكان من المنتظر أن تنظم نقابة محامي العاصمة مسيرة احتجاجية نحو مبنى المجلس الشعبي الوطني، مثل تلك التي قاموا بها في ,2010 حول نفس الموضوع، وأوضح سليني أنه تحاشى السير نحو مبنى البرلمان »خوفا من استغلال المسيرة لأغراض أخرى غير التي تهدف لها«، مشيرا إلى إمكانية حدوث انزلاقات أثناء المسيرة أو استغلالها سياسيا من قبل بعض الأطراف »خاصة في هذا الظرف الحساس«، وأشار النقيب أن هذه الأسباب دفعته إلى اتخاذ قرار الاكتفاء حاليا بتنظيم وقفتين احتجاجيتين فقط منها واحدة تنظم اليوم والابتعاد عن تنظيمها بمقر النقابة بمحكمة سيدي محمد المجاورة لمقر المجلس الشعبي الوطني تجنبا لأي احتمال سير المحامين نحو مبنى زيغود يوسف. ووقف المئات من المحامين مصطفين وراء العلم الوطني بعضهم مكممي الأفواه، فيما وضع محامون آخرون سلاسل حديدية على أيديه، تعبيرا عن مضمون القانون الجديد، الذي يقيد حرية المحامي بوضع المهنة تحت وصاية وزارة العدل. ورغم أن الحركة الاحتجاجية التي دعت إليها نقابة العاصمة، ونظمت بشكل متزامن على مستوى 10 نقابات جهوية من ضمن 15 نقابة جهوية، تميزت بمشاركة ما لا يقل عن 400 محامي، إلا أن نقيب العاصمة أشار إلى أن مشاركة المحاميين جاءت متواضعة بالنظر إلى عدد المنخرطين في نقابة العاصمة والتي تضم بحسبه سبعة آلاف منخرط، مبررا هذا العزوف بأن النقابة لم تدعو إلى مقاطعة الجلسات. وعبر العديد من المحاميين خلال الوقفة عن مواقفهم الرافضة لمضمون النص القانوني الجديد، مبرزين مخاوفهم مما ستؤول إليه مهنة المحاماة في بلادنا في حال تبني الصيغة الجديدة للقانون، وقالت المحامية فطة سدات مسؤولة منظمة العفو الدولية بالجزائر »إنه كان من الأجدر الإبقاء على القانون القديم بدل من إقرار المشروع الجديد الذي سينزل بمكانة المحامي الجزائري إلى الحضيض ويضع ممارسي هذه المهنة الحرة والمستقلة تحت سلطة الوزارة الوصية«. وأضافت أن الصياغة الجديدة لقانون تنظيم مهنة المحاماة »تكرس التراجع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان«.