توفي يوم 17 جويلية الجاري بباريس الصحفي الفرنسي والمناضل الشيوعي »هنري علاق« الذي كان من أوائل الذين دانوا التعذيب خلال حرب تحرير الجزائر في كتاب بعنوان »لا كيستيون« أي السؤال، الفقيد غادر الحياة عن عمر يناهز 92 سنة، بثلاثة أيام قبل تاريخ عيد ميلاده الإثنين والتسعين. عرف بمواقفه النبيلة وأفكاره الإنسانية التي دافع عنها حتى أخر لحظة من حياته، هنري علاق، ندد في كتابه السؤال، الذي نشر في سنة 1958 باستعمال الجيش الفرنسي التعذيب على نطاق واسع خلال اعتقاله لأنه كان مدير صحيفة »الجي ريبوبليكان«، الجزائر الجمهورية، لسان حال الحزب الشيوعي الجزائري. وتمكن من توزيع 65 ألف نسخة من كتابه الذي ألفه خفية في السجن، قبل أن تصادره السلطات الاستعمارية في 27 مارس 1958. وبعد أربعين سنة صرح هنري علاق لمجلة »لكسبرس«، كنت أعلم أنني إذا اعتقلت سيعذبونني وكنت مستعدا لذلك، لم أعد أحقد على أي كان، كنت اعتبر أولئك الناس أداة حقيرة لسياسة ما. وقال الفيلسوف جان بول سارتر، إن هنري علاق، دفع ثمنا غاليا لمجرد حق البقاء كرجل، بينما تحدث الكاتب فرنسوا مورياك عن »شهادة رزينة« اتسمت بنظرة محايدة للتاريخ. ولد هنري علاق واسمه الحقيقي »هنري سالم« في 20 جويلية 1921 في لندن لأبوين يهوديين بولنديين فرا من المذابح، ووصل إلى الجزائر في شهر أفريل من عام 1940، وانتسب بعد سنة إلى الحزب الشيوعي الجزائري، ليصبح أحد أعضاء لجنته المركزية حتى تاريخ حله سنة 1955. وقد تولى الصحفي هنري علاق رئاسة تحرير صحفية »الجي ريبوبليكان« من فبراير 1951 حتى جويلية 1955 تاريخ حظرها.وفي شهر جوان منن سنة 1957 اعتقل في أوج الثورة التحريرية مع صديقه موريس اودان، أستاذ العلوم في جامعة الجزائر اثر تحقيق حول عمليات نفذها عناصر من الحزب الشيوعي الجزائري. وأدانت المحكمة العسكرية لشمال الجزائر العاصمة، الصحفي علاق في جوان 1960 بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة بتهمة المساس بأمن الدولة الخارجي وإعادة تشكيل رابطة محظورة. وفي أكتوبر 1961 فر من سجن رين بفرنسا.وبعد عودته إلى العاصمة الجزائرية أفريل 1962 أعاد تأسيس »الجي ريبوبليكان« وعمل فيها حتى سنة 1965 عندما انحلت الصحيفة. وانخرط هنري علاق بعد ذلك في الحزب الشيوعي الفرنسي وظل وفيا له حتى وفاته وكان صحفيا في صحيفة »لومانيتيه«، الإنسانية، من 1966 حتى 1980.وفي 2001 أدلى بشهادته إلى جانب أرملة الجنرال باريس دي لا بولارديار، حول التعذيب الذي كان يمارسه بشكل مؤسساتي الجيش الفرنسي أثناء حرب الجزائر خلال محاكمة الجنرال بول اوساريس الذي اتهم بالدعاية لجرائم الحرب. وإضافة إلى كتابه »لا كيستيون« ألف هنري علاق كتابا أخر حول حرب الجزائر ونشر عدة كتب منها »ايتوال روج اي كرواسون فير«، نجمة حمراء وهلال اخضر سنة 1983 حول الجمهورية السوفياتية في آسيا الوسطى و»اس او اس أميركا« في 1985 والاتحاد السوفياتي واليهود سنة 1989 و»ريكييم بور لونكل سام« أي موسيقى الموتى للعم سام سنة 1992 و»ميموار ألجيريان« بمعنى ذكريات جزائرية في 2005.