كلما صدر تصريح من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني يتعلق بالجيش الوطني الشعبي، إلا وانبرت أصوات من هنا وهناك، تعطي لنفسها الحق في الدفاع عن هذه المؤسسة الوطنية التي، تحتل مكانة مرموقة في قلوب الجزائريين ويحظى أفرادها باحترامهم وتقديرهم، مما يعطي الانطباع وكأن جيشنا- وهو القوي بوطنيته وعقيدته وكفاءته- بحاجة إلى خدمات أمثال أولائك المتزلفين. عندما أكد عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أن المؤسسة العسكرية تضطلع بمهمتها الدستورية، وأنه لا توجد في الجزائر مؤسستان عسكريتان إحداهما للجيش والأخرى للاستعلامات، حاول البعض تأويل هذا الكلام في سياق خاطئ وهو وجود صراع داخل المؤسسة العسكرية، وكذلك هو الشأن بالتحريف الذي طال تصريح الأمين العام لإحدى وكالات الأنباء العالمية، حيث راحت بعض الأطراف تقدم قراءات مغلوطة وتتحدث عن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يتهم الجيش ب ''صناعة الرؤساء''. إن من يدعي بأن هناك خلافات داخل المؤسسة أو بينها وبين الرئيس فهو كمن يحرث في البحر، ذلك أن هناك رئيسا يخول له الدستور إجراء أي تعديل في مؤسسات الدولة، يسمح لها بزيادة كفاءتها ومردودها الميداني، وقد أكدت سنوات الأزمة التي عرفتها بلادنا أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي أنقذت البلاد من الإرهاب الهمجي، وأن المواطنين ما يزالون يقدرون لها هذا الدور، فالجيش الوطني الشعبي، ورغم الحملات المنظمة التي تعرض لها، خاصة خلال المحنة الوطنية التي تحمل ثقل أعبائها في حفظ أمن واستقرار البلاد، قدم من أجل ذلك خيرة كفاءاته وإطاراته وجنوده، تضحية في سبيل بسط السلم وإعادة الاستقرار والحفاظ على كيان الدولة. وعندما يتحدث أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني عن المؤسسة العسكرية فهو يتحدث من منطلق حزب الأغلبية الذي يراعي المصالح العليا للدولة الجزائرية، التي يشكل فيها الجيش الوطني الشعبي القوة الرادعة والضامنة والحامية لوحدة الوطن وسيادته. ومن هنا فإن من ينشرون القراءات الخاطئة للمواقف ويحولونها إلى أخبار وتحاليل واستنتاجات، إنما يبحثون عن ''إثارة الفتنة'' داخل الحزب بعد أن استرجع عافيته وعاد بقوة إلى العمل الميداني ليجسد برنامج الرئيس الذي تبناه منذ العهدة الأول ودافع عنه خلال العهدات الثلاث وما تحقق من إنجازات يجعلنا مقتنعين بأن الرئيس بوتفليقة أعاد للبلاد أمنها واستقرارها، ومن حق الأمين العام أن يدعو إلى ترشيحه لعهدة رابعة في انتظار أن يصدر قرار اللجنة المركزية. أما الذين يريدون إثارة الخلاف بين قيادة الحزب والمؤسسة العسكرية، من خلال الترويج لتصريحات لم تحدث، فعليهم أن يقفوا في طوابير الانتظار طويلا، ذلك أن الخلاف الذي يحلمون به لن يحدث، لأن المرجعية الفكرية التي يستند إليها حزب جبهة التحرير الوطني هي رسالة نوفمبر، والجيش الوطني الشعبي هو سليل جيش التحرير الوطني، وبالتالي فالاثنان من أصل واحد ورسالتهما مشتركة في بناء الدولة الجزائرية القوية والمتطورة والديمقراطية، السيدة والآمنة والمستقرة. إن هذه الكلمات ليست دفاعا عن الجيش الوطني الشعبي، بمختلف مكوناته ومديرياته وأفراده، وليس ردا على تلك الأصوات التي أرادت تقويل الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ما لم يقل ، معتمدة التزييف المفضوح والتحريف المكشوف، مدفوعة بحقدها المرضي وعدائيتها الأبدية على جبهة التحرير الوطني والجزائر، بل إن هذه الكلمات يمليها واجب الاعتراف والعرفان لجيشنا الذي ما فتئ يقدم الشواهد على تضحياته الجليلة ووفائه بالعهد وسعيه الدؤوب إلى إكتساب أسباب القوة والمنعة وإلى التكيف الكامل مع ما يتوافق وقدسية المحافظة على مكسب سيادة وحرية الجزائر وإستقلالها الوطني ووحدتها الشعبية والترابية.