اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للوقاية ومحاربة السيدا »تضامن إيدز« احسن بوفنيسة ، إصابة المرأة بداء فقدان المناعة المكنسبة نتيجة علاقة زواج شرعية شكل من أشكال العنف المعنوي، تعاني منه في صمت وبصورة مزدوجة، إذ تدخل في صراع نفسي مرير، بمجرد اكتشافها إصابتها بالفيروس، كما أنها تواجه نظرة المجتمع القاسية، مؤكدا أن القانون يحمي حقها في رفع دعوى قضائية ضد زوجها إن ثبت أن هذا الأخير كان على علم بإصابته بالداء وتعمد نقل الفيروس إليها. أكد رئيس الجمعية الوطنية للوقاية ومحاربة السيدا، أن الملف الطبي قبل الزواج يحث الرجل والمرأة اللذان ينويان الارتباط على وجوب الفحص لتأكيد خلوهما من الأمراض، غير أن التقيد بالملف يظل ضعيفا، إذ لا يولى الملف الطبي بالاهتمام المطلوب، وكل هذا يتحمله المشرفون على عقد قران الزواج، حيث طالب في هذا الإطار بضرورة التعامل مع عقود الزواج بصرامة ، لأن الأمر يتعلق بحياة أشخاص ومستقبلهم، وإن كان هذا الإجراء لا يحمي المرأة مائة بالمائة لأن الرجل قد يدخل في علاقة غيرمحمية بدليل أننا استقبلنا على مستوى الجمعية حالات لنسوة أصبن بالسيدا بعد مرور عدة سنوات على الزواج، لذا استوجب التزام الطرفين بالوعي والوفاء. وحسب احسن بوفنيسة فإن المرأة التي ينتقل إليها المرض عن طريق زوجها يكون لديها إحساس كبير بالظلم، ويختلف إحساسها تماماً عن إحساس رجل أصيب بالمرض من جرّاء ممارسته علاقة جنسية غير شرعية، مؤكدا أن المرأة المصابة بالسيدا تكون أكثر انهياراً من الرجل، لأن بعض الرجال قد يتعايشون بشكل سريع مع المرض، غير أن المرأة لا تستطيع فعل ذلك كونها عاطفية، كما أن هناك مصابات لا يعرفن مصدر انتقال العدوى إليهن، وهناك من لم يخبرن أهاليهن بمرضهن، مشيرا إلى أن غالبيتهن من الأرامل، فهن يتألمن كثيرا لاعتبار مرضهن بمثابة وصمة عار، إضافة إلى التمييز الذي يمارسه عليهن أفراد المجتمع، من حيث حرمانهن من أبناءهن والطرد من سكن الزوجية عند وفاة الزوج بنفس المرض، ومن الراحة النفسية والإستقرار رغم أنهن ضحايا، ناهيك عن الوظيفة، ما يجعلهن يفكرن في الانتحار بسبب اقتناعهن بعدم قدرتهن على التعايش مع المرض والأوضاع العامة المحيطة بهن. وأضاف محدثنا أن هناك نساء لا يكتشفن إصابتهن بالمرض إلا بعد وفاة أزواجهن من خلال أسباب الوفاة، والكثيرات منهن لا يجدن مصدر رزق لهن يعتمدن عليه في تدبير أمورحياتهن في ظل نبذ المجتمع لهن، وتطرق أبواب الجمعية حالات مأساوية، لنساء اكتشفن المرض بعد وفاة أزواجهن، في صراع مع عائلة الزوج، الذين يعتبرونها هي من نقلت المرض لإبنهم رغم أن الحقيقة غير ذلك، هناك من يصل بهم الأمر إلى درجة حرمانهن من أبناءهن والطرد من مسكن الزوجية. وأشار احسن بوفنيسة ، إلى أن هناك حالات تنكرت لهن عائلاتهن وطردن من المنزل العائلي ليجدن أنفسهن بدون مأوى، مؤكدا أن جميع الحالات التي تتردد على الجمعية مؤثرة جدا، زوجة اكتشفت إصابتها بعد وفاة زوجها وترك وراءه ثلاثة أطفال كلهم مصابون بالمرض، شابة أخرى رحمها الله أصيبت بالمرض رغم أنه يرجح إصابتها بداء السيدا من وسط طبي غير معقم، إلا أن أهلها لم يرحموها، قدمت لوحدها من إحدى الولايات الجنوبية إلى مصلحة علاج مرض السيدا بمستشفى »القطّار« بالعاصمة، وظلت هناك مدة طويلة ولما توفيت رفضت عائلتها استقبال جثتها، بعد أن اتصلت بها الجمعية ، وما كان من الجمعية إلا أن تولت مهمة دفنها بإحدى مقابر العاصمة . واعتبر احسن بوفنيسة، المرأة المصابة بالسيدا نتيجة علاقة زوجية شرعية معنّفة معنويا، ماجعل الجمعية تلفت الانتباه إلى هذا النوع من العنف، وهي الحالات الكثيرة التي تقصد الجمعية، مشيرا إلى أن الكثير من النساء تجهلن وجود حماية قانونية في حال ما إذا وقعن عرضة للإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة؛ نتيجة تعمد الطرف الآخرعدم التصريح به، إذ يعتبر قانون العقوبات هذه الجريمة جنحة معاقب عليها، غير أن الحالات التي تقصد الجمعية ترفض تقديم الشكوى وتكتفي بالكشف عن حالتها لغياب الوعي من جهة، والخوف من نظرة المجتمع من ناحية أخرى. وتسعى جمعية »تضامن إيدز« من أجل إعادة إدماج هذه الفئة في المجتمع ومساعدتهن من أجل التعايش مع المرض، بالتكفل بهن نفسيا وضمان حقوقهن القانونية، بالإضافة إلى توفير مناصب شغل لهن يكفيهن ذل السؤال، وهناك من تمكنت في إطار الجمعية من فتح مشاريع استثمارية مصغرة في مختلف الحرف. للإشارة فإن الجمعية الوطنية للوقاية ومحاربة السيدا »تضامن إيدز«، لا تتكفل بفئة النساء المصابات بالداء فقط ، بل تهتم بكل الحالات ومن الجنسين ، و قد فتحت فرعها لها مؤخرا بولاية تبسة .