ترحمت الجزائر أمس، على شهداء الواجب الوطني الذين كانوا ضحايا تحطم طائرة عسكرية بأم البواقي من خلال إقامة صلاة الغائب على أرواحهم عبر جميع مساجد الجمهورية في اليوم الثالث للحداد الوطني الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وسط تضامن عربي ودولي. ففي المسجد الكبير بالعاصمة أدى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة والوزير الأول وعدد من الوزراء بمعية المواطنين صلاة الغائب على أرواح ضحايا حادث الطائرة العسكرية. واعتبر إمام المسجد عماد بن عامر في خطبتي صلاة الجمعة العسكريين الذين لقوا حتفهم شهداء الواجب الوطني، مشيرا إلى أن هذه الحادثة تعد ابتلاء من الله للأمة الجزائرية. ودعا الخطيب الجميع كل من موقعه العمل إلى الحفاظ على الوطن من اجل رفعة الجزائر وسؤددها بين الأمم. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برقية تعزية وجهها إلى نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح وكافة عائلات الضحايا قد أعلن الثلاثاء الماضي حدادا وطنيا لثلاثة أيام. ووصف رئيس الدولة في برقيته يوم تحطم الطائرة باليوم الحزين الذي فجع فيه الشعب الجزائري بفقد ثلة من خيرة أبنائه وهم يحلمون بالعودة إلى ديارهم يحذوهم الأمل بلقاء أهلهم و ذويهم حيث ينعمون بالأمن والاستقرار غير عالمين بما يخبئه لهم القدر الذي شاء أن تنتهي بهم رحلتهم في منتصف الطريق ويسيرهم في رحلة أخرى لا عودة منها و لا مآب. وعلى إثر هذا الحدث المأساوي أعربت عدة أحزاب سياسية، منظمات وجمعيات وطنية وهيئات حكومية عن مواساتها وتضامنها مع الشعب الجزائري وقيادة الجيش الوطني الشعبي وعائلات ضحايا الحادث. وعلى الصعيد الدولي، أعربت أيضا عدة دول و منظمات عن مواساتها للجزائر إثر هذا الحدث حيث أعلنت جامعة الدول العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي عن تنكيس علمها حدادا على ضحايا الجزائر. وفي ذات السياق تلقى الرئيس بوتفليقة برقيات تعاز من ملوك ورؤساء عدة دول. وكانت الطائرة العسكرية من نوع »هرقل س. 130« يوم الثلاثاء الماضي في رحلة جوية قادمة من تمنراست باتجاه قسنطينة وهي تقل أربعة وسبعين مسافرا بالإضافة إلى طاقم الطائرة المتكون من أربعة أفراد. وقد انقطع الاتصال بالطائرة في حدود 11 سا 37 د وتم فور ذلك إرسال ثلاث مروحيات للبحث في المنطقة، حيث تم تحديد مكان سقوطها بجبل فرطاس قرب دوار العقلة 18 كم شرق مدينة عين مليلة بولاية أم البواقي . وكانت وحدات الإنقاذ التابعة للجيش الوطني الشعبي والحماية المدنية قد تنقلت بسرعة إلى عين المكان للبحث عن الركاب وتم تشكيل لجنة تحقيق قصد تحديد الأسباب التي كانت وراء هذا السقوط. وعلى إثر هذا الحادث الأليم تم تفعيل مخطط البحث والإنقاذ كما أسرعت وحدات الإنقاذ التابعة للجيش الوطني الشعبي والحماية المدنية إلى عين المكان لتقديم الإسعافات الأولية وتم تشكيل لجنة تحقيق وإيفادها إلى المنطقة قصد تحديد الأسباب التي كانت وراء هذا السقوط. وكان نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح قد استمع إثر ترؤسه لاجتماع مصغر الأربعاء الماضي بالمستشفى العسكري الجهوي بقسنطينة )الناحية العسكرية الخامسة( لعرض قدمه مدير المستشفى الجهوي العسكري. وأعطى الفريق قايد صالح تعليمات دقيقة إلى المسؤولين المعنيين تنص على الخصوص بالإسراع في التشخيص العلمي لهوية الضحايا والتكفل بعائلاتهم وتوجيههم إلى ولاياتهم الأصلية. ودعا الفريق قايد صالح في نفس السياق إلى شروع اللجنة التقنية للتحقيق في ملابسات الحادث فورا مع الأخذ بعين الاعتبار كل التفاصيل التي يمكن أن تساعد في تحديد ظروف سقوط الطائرة وسط الحالة الجوية السيئة، ملحا على ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة التي من شأنها تفادي مثل هذا الحاث مستقبلا. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن الحادث يكون قد نجم عن الظروف المناخية السيئة التي تميزت بهبوب رياح قوية وقت شروع الطائرة في الهبوط فوق أرضية مطار قسنطينة.