قال الدكتور محمد طيبي أستاذ علم الاجتماع والباحث السوسيولوجي، إن بعض المترشحين لا يحملون تصورا استراتيجيا وفكرا سياسيا ولهم ميول نحو إيديولوجية الخطاب الذي يريد التغيير دون إدراك أدوات التغيير الحقيقية، على عكس برنامج المترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي يعتبر الأكثر اكتمالا ونضجا، كما اتهم من جهة أخرى أطرافا سياسية مجهولة خططت مسبقا لصناعة بؤر التوتر تحت غطاء الشباب . ¯ سعاد. ب ❍ في قراءته السوسيولوجية للحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل المقبل في يومها ال ,15 اعتبر الدكتور محمد طيبي أستاذ علم الاجتماع والباحث السوسيولوجي في تصريح ل »صوت الأحرار«، البرامج الانتخابية التي قدمها بعض المترشحين، مجرد شعارات خالية من التقييم السياسي الجزائري، كما أكد أن هؤلاء المتسابقين لقصر المرادية يهربون نحو نماذج وهمية بعيدة عن الواقع السياسي الجزائري، واصفا ذلك ب »الجفاف الفكري«. وفي هذا السياق، رأى طيبي أن برنامج المترشح عبد العزيز بوتفليقة يعتبر الأفضل من حيث المضمون، لأنه تشبث بالمرجعية التاريخية، على عكس بعض المترشحين الذين حملوا ميولا نحو إيديولوجية الخطاب الذي يريد تغيير جزء دون إدراك أدوات التغيير الحقيقية، مشيرا إلى أن بقية المتنافسين يجندون أتباعهم بغية خلق أجواء انتخابية ساخنة، غير أنهم فشلوا في تقييم الوضع السياسي الجزائري. وأعطى طيبي أمثلة في بعض البرامج التي قدمها بعض المترشحين لحد الآن، في موضوع استعمال السيادة الوطنية بطريقة »غوغائية «، حيث التمس محدثنا أن هناك تهافتا على السلطة من خلال خلط أوراق سياسية شعبوية سياسوية رديئة لا خطاب ولا إقناع لها، وأضاف أن الحملة حملى بإرهاصات تغيير ومخاضات التعبير المؤسسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، على عكس المترشح بوتفليقة الذي قال »إنه وقف على المسار النهائي لخمسين سنة بعد الاستقلال، من خلال إدماج جيل الوطنية الجديد في الحكم وترسيخ المعايير الثقافية في البلاد«، مؤكدا أن برنامجه يعتبر الأكثر اكتمالا ونضجا ويحمل أجوبة كثيرة، كما أنه له رؤية استراتيجية ليس الغرض منها الوصول للسلطة وإنما ترسيخ مشروعه وتجديد معالمه بالرغم من الصعوبات التي يواجهها. كما علق محدثنا عن مجريات الحملة الانتخابية، بأنها كانت مكررة، مفسرا ذلك بخضوع بعض المترشحين للذات الفكرية مما جعلهم يدخلون في التكرار والترداد والارتجالية والمزايدة، وهذا ما جعل الحملة حسبه- تفرغ من الأفكار وضعف الأداء منذ انطلاقها، وبالتالي عدم استطاعة هؤلاء التجديد بسبب عدم التخطيط لحملتهم، قائلا في هذا الصدد »إن الجزائر في حاجة إلى طبقة سياسية ونخب واعية«. وفي سياق آخر، تحدث طيبي عن بعض مظاهر العنف التي ميزت الحملة الانتخابية قائلا إن هذه الظاهرة تعكس صعوبة انتقال الجزائريين إلى وضع آخر من حيث إدراكه للقضايا ومفهوم القيم، وأن الأشخاص الذين يقومون بأعمال العنف تحركهم أطراف مجهولة لا تخدم هؤلاء الشباب وأضاف أنه من السذاجة أن يتحركون من تلقاء أنفسهم، مشيرا إلى أن هناك قوتين في المعارضة تريد تحريك الشارع، فالأولى تريد أن تستثمر في العنف المسبق الذي يجري خلال الحملة الانتخابية وتوظيفه في عنف ما بعد النتائج، والقوة الأخرى أقلية تريد الاستثمار في الشباب لصناعة بؤر توتر للحصول على مكانة لتمرير أغراضها تحت غطاء الشباب من خلال التفاوض على الهوية. وأضاف الدكتور أن انتشار بعض ظواهر العنف مخطط لها مسبقا ومبرمجة من طرف أطراف خفية ومجهولة الهوية السياسية يراد منها للجزائر أن تضعف للتفاوض مع القوة المهيمنة، واصفا هذا الوضع بالخطير على أمن واستقرار الجزائر، كما قال إنه من حق الشباب أن يتظاهروا لكن العنف يعتبر فعلا غير ديمقراطي، في إشارة منه لأحداث العنف ببجاية التي تسبب في إلغاء التجمع لمدير حملة المترشح عبد العزيز بوتفليقة، عبد المالك سلال، مؤكدا أن المراد منها أن تتحول إلى مركز لتأجيج الأوضاع لكنهم- يضيف محدثنا- فشلوا في بلوغ مبتغاهم ووصفه ب»المخطط الفاشل«. وعلّق طيبي على دعاة الاستنجاد بالدول الأجنبية، قائلا إن هؤلاء ينتمون إلى تاريخ الاستعمار ويتم استعمالهم كأدوات في تحريك مشروعية زائفة، ولجأت للتفاوض مع الأجانب علما منها أنها لن تنال شيئا من أبناء الجزائر، أبناء البلد الذي لم يعيشوا فيه وانسلخوا منه ومن مقوماته، وهذه الدعوات يضيف المتحدث - تعتبر صورة مصغرة لما حدث في العراق وسوريا، بحيث يستنجدون بالغرب للدخول بدباباتهم لبيع البلد مقابل السلطة، كما يعلم هؤلاء الأشخاص أن مشاريعهم لن تمر في الجزائر، داعيا إلى ضرورة تحريك الضمائر للالتفاف حول البلد وتغيير الأوضاع حول ما يقويها.